للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالأسانيد، واختبرت ذلك فوجدت الأكيال مختلفة متباينة الاختلاف وهي ذوات روايات، فالكيل الشرعي تقريبًا منقول عن شيوخ المذهب (يدركه أحد) (١) حفنة من البر أو غيره بكلتا اليدين مجتمعتين من ذوي يدين متوسطتين بين الصغر والكبر، فالصاع منها أربع حفنات، جربته فوجدته صحيحًا، فهذا الذي ينبغي أن يعول عليه لأنه مبني على أصل التقريب الشرعي، والتدقيقات في الأمور غير مطلوبة شرعًا لأنها تنطّع وتكلّف، فهذا ما عندي. ومن كلامه أما من تعسف وطلب المحتملات والغلبة بالمشكلات وأعرض عن الواضحات فيخاف عليه التشبه بمن ذمه اللَّه في قوله: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ} (سورة آل عمران، الآية ٧).

وكان لا يأخذ الفقه إلا من كتب الأقدمين، ولا يرى لأحد أن ينظر في هذه الكتب المتأخرة، كما قرره في مقدمة كتابه الموافقات، وترد عليه الكتب في ذلك من بعض أصحابه فوقع له: وأما ما ذكرتم من عدم اعتمادي على التآليف المتأخرة، فليس ذلك مني محض رأي، ولكن اعتمدته بحسب الخبرة عند النظر في كتب المتقدمين مع المتأخرين، وأعني بالمتأخرين كابن بشير وابن شاس وابن الحاجب ومن بعدهم، ولأن بعض من لقيته من العلماء بالفقه أوصاني بالتحامي عن كتب المتأخرين وأتى بعبارة خشنة ولكنها محض النصيحة، والتساهل في النقل عن كل كتاب جاء لا يحتمله دين اللَّه، ومثله ما إذا عمل الناس يقول ضعيف. ونقل عن بعض الأصحاب لا تجوز مخالفته، وذلك مشعر بالتساهل جدًا، ونص ذلك لا يوجد لأحد من العلماء، فيما أعلم. والعبارة الخشنة التي أشار إليها كان ينقلها عن صاحبه أبي العباس القباب أنه كان يقول في ابن بشير وابن شاس أفسدوا الفقه. وكان يقول: شأني عم الاعتماد على التقاليد المتأخرة، إما للجهل بمؤلفها أو لتأخر أزمنتهم جدًا، فلذلك لا أعرف كثيرًا منها ولا اقتنيته، وعمد في كتب الأقدمين المشاهير، ولنقتصر على هذا القدر من بعض فوائد.


(١) كذا وفي الكلام حذف ولعل الصواب يدركه كلُّ أحد.

<<  <   >  >>