للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: وممن أخذ عنه القاضي محمد بن عمر القلشاني والشيخ الرصاع والشيخ محمد بن محمد بن مرزوق الكفيف. وذكره القلصادي في رحلته فقال: شيخنا وبركتنا أوحد زمانه العديم النظراء في عصره وأوانه، الفقيه المحدث الأستاذ المقري الإمام العلامة القاضي العدل الأرضي أبو عبد اللَّه بن عقاب، كان إمامًا في الفقه والأصلين متوصل الجدل تحصيله وحصوله، علمًا من أعلام العارف ومعلمًا لأعلام الحلل المرضية والمطارف، نفع بما وعى من العلم الأصلي المغرق، وشفع ما استفاده من علماء تونس ما ساد به من النور المشرق فنفع اللَّه به بشرًا كثيرًا، وجعل له في قلوب عباده من القبول حظًا كبيرًا فتولى قضاء الجماعة وأجل المدارس، فحصل له البغية وبه الإفادة.

وبرز في ميدان تدريسه بما برز وأحرز من خصال السبق ما أحرز من جلالة القدر وسلامة الصدر وحسن الخلق واعتدال الخلق وسهولة الإشارة وصياغة العبارة للبداوة والحضارة، فقال العباد بحقه وصدقوا أن لا يترشح أحد لسبقه، فازدحموا لإفادته واقتبسوا من علمه ونور مشكاته.

ثم تولى أخيرًا إمامة جامع الزيتونة، وكان من أذكياء تلاميذ ابن عرفة له ذهن وقاد وعقل منقاد وهمة عالية ودين متين، كثير الخشوع عند قراءة القرآن، لازمت مجلسه وحضرت عليه في التفسير من سورة الحشر إلى آخر البروج، وبعض مسلم والموطأ وكتبًا شتى من التهذيب والرسالة والجلاب وفرعي ابن الحاجب.

وسمعت عليه رواية جميع البخاري غير مرة وشفاء عياض وقرأت عليه أبعاضًا من العمدة والتيسير والشاطبيتين والحوفية والجعدية في الميراث ومختصر ابن عرفة الفقهي والمنطقي والطوالع وجمل الخونجي والحصار، وناولني الجميع وأجازنيه، وحضرت عليه مستصفى الغزالي والمنهاج والأربعين ومختصر الحوفية والبردة والشقراطيسية وأحكام الآمدي وتنقيح القرافي وذخيرته ونهاية الأصول وأبكار الأفكار وبعض نوادر ابن زيد وقواعد عياض وجمع الجوامع وروض الأزهار وأجازني الجميع وكتب لي خطه. ثم بلغني، وأنا بمكة بعد مفارقته، أنه

<<  <   >  >>