أخذ النحو عن والده وناصر الدين البارنباري وغيرهما، والفقه عن الجمال الأقفهسي والشمس الدفزي وأصوله عن الجد البرماوي والصنهاجي والفرائض والحساب ومصطلح الحديث عن ابن حجر ولازم البساطي كثيرًا وانتفع به في الفقه والنحو والأصلين والمعاني وسمع عليه غالب شرحه لمختصر الشيخ خليل، وجود الخط على ابن الصائغ وسمع الحديث على غير واحد كالشرف ابن الكويك والجمال ابن الحلي وابن فضل اللَّه والشموس الشامي وابن البيطار وابن الجزري والزين والزركشي والولي العراقى.
ودخل الاسكندرية مرارًا وحج مرتين وجاور سنة ست وثلاثين ودخل دمشق فسمع بها على ابن ناصر الدين وبيت المقدس ودخل دمياط.
وبرع في الفقه وأصوله والعربية وغيرها وفاق الناس في التدقيق بحيث كان يملي في وقت واحد على اثنين من مسطورين مختلفين بل على ثلاثة ولا يجف قلم واحد منهم، فيما بلغني- اهـ.
قلت: وأعظم من هذا ما ذكر عن لسان الدين بن الحطيب السلماني صاحب تاريخ غرناطة أنه كان يملي في وقت واحد على سبعة أنفس من إنشائه بأمور مختلفة ولا يجف لواحد منهم قلم، وهذا غاية ما يكون من البراعة يكاد أن لا يقبله العقل، أخبرني به بعض أصحابنا بمراكش، واللَّه أعلم بصحته.
قال السخاوي: كان صاحب الترجمة يتوقد ذكاء مع الخط البديع والعبارة الرائعة قل أن تجتمع محاسنه في غيره حسنة من حسنات الدهر، ناب عن شيخه البساطي بعد سنة خمس وثلاثين فحمدت سيرته وصار بالمحل الجليل عند الأكابر مع بذل الجهد في انفاذ الأحكام، وكان قاضي الذهب ودرّس بالقمحية عقب البساطي والبرقوقية عقب أبي الجود وتصدر بجامع عمرو وصار الاعتماد في الفتاوى عليه لمزيد اتقانه واختصاره وتحريره وحسن إدراكه لمقاصد السائلين، وحدث وعظمت رغبته في السماع والإسماع.
توفي بعد مرضه بالريق والسعال وحبس الإراقة وضيق النفس ليلة الاثنين رابع عشر ذي الحجة، سنة سبع وستين وثمانمائة- اهـ.