والاتصال، مع أنه ما كان موجوداً في عصر الموحدين هذا، قبل ظهور الأتراك ووصولهم إلى المغرب بكثير.
ولعل قائلاً يقول وما نصت المرأة في هذه النهضة الشاملة الكاملة، وهي التي إذا عدمت مشاركتها في عمل ما يعتبر غير كامل ولا شامل. والجواب أن المرأة المغربية كانت دائماً عنصراً فعالاً في تطور البلاد وتقدمها وازدهارها. وقد ذكرنا عملها العظيم في العصر الأول الذي يتمثل في تأسيس كلية القرويين ومشاركتها في الأعمال السياسية والأدبية في العصر المرابطي. ولا يشذ هذا العصر عن سالفيه في أخذ المرأة بأسباب النهوض، بل إنه يعطينا أمثلة رائعة لمساهمتها في ضروب النشاط الفكري بإطلاق من علمي وأدبي. فمن الأسماء اللامعة التي عرفت بصفتها العلمية السيدة زينب ابنة الخليفة يوسف بن عبد المؤمن. كانت عالمة فاضلة أخذت علم الكلام عن أبي عبدالله بن إبراهيم، وهي زوج ابن عمها السيد أبي زيد بن أبي حفص بن عبد المؤمن. ومن نساء الشعب السيدة خيرونة التي ألف الإمام السلالجي عقيدته البرهانية من أجلها. ولا شك أن لها يداً في نشر التوحيد على مذهب الأشعري بين نساء أهل فاس إسوة بأستاذها الذي ألمعنا إلى عمله في هذا الصدد. ومنهن في علم الرواية والحديث الشيخة أم المجد مريم بنت أبي الحسن الشاري صاحب المدرسة بسبتة. ومنهن في علم الفقه السيدة محلة المراكشية التي كانت من حفاظ المدونة، ومنهن في التصوف والعلوم اللدنية السيدة منية بنت ميمون الدكالي وسواها كثيرات، وهذا الصنف من السيدات هو الذي يتسامح كتاب الطبقات بذكره في مؤلفاتهم؛ فلذلك نقف على العدد العديد منهن، في حين أن الأصناف الأخرى إنما تذكر أسماؤهن عرضاً في تضاعيف الكتب. ولعل الاتصال الذي كان مسموحاً به في العرف لهؤلاء السيدات بصفتهن من الصالحات القاتنات له دخل في ذلك. وأما في العلوم الأدبية والكتابة والشعر فقد سبقت الإشارة إلى السيدة رميلة من بيت الخلافة الموحدية، وما كان لها من فصاحة وبلاغة في النظم. ومن نساء الشعب النابغات في ذلك السيدة الشريفة أمة العزيز بنت أبي محمد بن الحسن ابن أبي الجسام الحسيني السبتي. ذكرها ابن دحية في المطرب وقال إنها أخت جده لأمه. ومنهن السيدة حفصة بنت القاضي أبي حفص بن عمر. وقد ذكرها الشاعر