كالتذييل عليه، ومثله أبو القاسم الشريف الذي يعرف بالشريف الغرناطي وهو سبتي، وإنما قيل له الغرناطي لإقامته زماناً بغرناطة، وتوليه قضاءها وهو من المؤلفين في العربية والأدب وشرحه لمقصورة حازم مما طبَّقت شهرته الآفاق. ومن أعماله الأدبية المرموقة شرحه للقصيدة الخزرجية المعروفة بالرّامزة في علم العروض، مفتضاً خاتمها بعد أن استعصت على كثير ممن رامها قبله، ولذلك سمَّاه رياضة الأبيّ من قصيدة الخزرجي، وهو ممّا يدلُّ على حصافة عقله وقوَّة فهمه، بَلهَ دلالته على تمكنه من علم العَروض ورسوخه فيه. . . ومالك بن المرحَّل فضلاً عن كونه شاعر العصر بل شاعر المغرب هو أيضاً ممّن ألف في اللغة والأدب كتباً عدة منظومةٌ ومنثورةٌ، منها نظم غريب القرآن لابن عُزَيْز، ونظم اختصار إصلاح المنطق لابن العربي ونظم فصيح ثعلب مع شرحه، ونظم الثلث الأول من أدب الكتاب لابن قُتيبة، بعد ترتيبه، وترتيب الأمثال لأبي عبيد، وأرجوزةٌ في العَروض، واخترع وزناً من أوزان الشعر هو مجزُوُّ الدُّوَبيت المركَّب من فعِلُن مُفاعَلتُن فَعُولن، ومثلِها بحذف فَعِلُن للجَزء كما ذكره العلامة محمد بن عبد المجيد بن كيران في رسالةٍ له في مبادئ العَروض، إلى غير هذا مما يطول تتبعه من حركة انتشار علوم العربية وازدهارها.
ومن دون العربية، فإن التاريخ قد نال عناية عظمى من أبناء هذا العصر، ومن نوابغه فيه المؤرخ العظيم صاحب الفضل على مؤرخي المغرب جملة، ابن أبي زرْع، وما أدراك ما ابن أبي زرع، صاحب القِرطاس وزهر البستان وغيرهما، ومنهم ابنُ عذارى المراكشي صاحب البيان المغرب الشهير، وأبو الحسن الجزَّنائي صاحب زهرة الآس في تاريخ بناء مدينة فاس، وأبو إسحاق التَّاورْتي صاحب تاريخ أبي سعيد عثمان الأصغر، وفيه كان ابنُ خلدون ولسان الدين ابن الخطيب وابن الأحمر وغيرهم ممَّن أوى إلى كنف المرينيين واستظلَّ بظلهم. والتاريخ الخلدوني نفسه مؤلف باسم أبي عِنان وبرسم خزانته، كما أن فيه أيضاً كان صاحبُ الحلل الموشيَّة في الأخبار المراكشية، وصاحب الذخيرة السنيَّة في تاريخ الدولة المرينية. ومن كتَّاب التراجم، ابن عبد الملك المراكشي صاحب الذيل والتكملة وناهيك به. وأبي عبدالله الزَّرْعي الجدْميوي السبتي التاريخي الحافظ، له تاريخ في نحو من أربعين سفراً مُرتَّب على حروف المعجم في أخبار العلماء والأدباء والتعريف بهم، وفي ضمن ذلك من بليغ النظم والنثر والحكايات والفوائد والنوادر ما لا يوصف ذكره في بُلْغة الأمنية.