وتزداد حتى آلت إلى ما آلت إليه، مما لا حاجة إلى ذكره، ولو كان قومنا العرب عملوا يومئذ بقاعدة المساواة الإسلامية ولم يحابوا أنفسهم على إخوانهم الجدد، ولم يجعلوا في الإسلام عاليا ونازلا لما وقع ذلك الخرق الذي انتهى في الأندلس بذهاب الملك ووقوع الهلك، ونجمت عنه في أفريقيا نفسها أضرار جسيمة لا شك فيها.
وقد ذكر صاحب النبوغ المغربي هذه الحقائق في عرض كلامه على تاريخ الحركة الفكرية في ذلك القطر العظيم، وذلك لما تقدم لنا من اتصال الحركة الفكرية بالحركة السياسية والحركة الاجتماعية إلى الحد الذي لا يمكن معه ذكر إحداهما من دون ذكر الأخرى، ونبه الأفكار إلى نكتة هي من الأهمية بمكان، وهي السؤال: لماذا لم يكن في المغرب الاندماج تاما كما وقع في الشام والعراق والأندلس حيث قد ألقت العروبة بجرانها وعمت السهل والوعر، ولم يبق ثمة إلا أقطار عربية لا تفترق عن جزيرة العرب في شيء؟ فأورد على الفرق الواقع أسبابا معقولة سنخوض فيها بفصل تال.