بالسيد المنظري الصغير حاكم مدينة تطوان وحفيد القائد أبي الحسن المنظري الكبير مجدد بناها وحاكمها الأول. فلما توفي زوجها توالت هي حكم المدينة وضبطتها أحسن ضبط، ثم تزوجها السلطان أحمد الوطاسي وبنى بها في تطوان في شهر ربيع الأول سنة ٩٤٨. ونجحت في السفارة السيدة سحابة الرحمانية والدة عبد الملك المعتصم بطل معركة وادي المخازن؛ فإنها كانت أول من أبلغ بشارة فتح تونس إلى السلطان العثماني بالقسطنطينية وطلبت منه كمكافأة لها على ذلك مساعدة ابنها بجيش الجزائر على استعادة ملك والده، فأجاب طلبها، الأمر الذي لم ينجح فيه عبد الملك نفسه من قبل. وفي الميدان الحربي أثبتت السيدة مريم أخت عبد الملك هذا كفاءتها في قيادة ثلاثة آلاف جندي من الرماة تركهم أخوها بمعيتها في قصبة مراكش فامتنعت بها على ابن أخيهما محمد أثناء انتزاع ملك والدهما منه. ولم يكن نبوغ المرأة المغربية في هذا العصر قاصراً على الناحية السياسية والحربية، فقد اشتهرت في ميدان العمل الاجتماعي السيدة مسعودة الوزكيتيّة والدة المنصور الذهبي ومن منشآتها الخالدة مراكش المسجد الجامع بباب دكّالة منها وجسر وادي أمّ الربيع وغير ذلك من أعمال البر والإحسان الكثيرة. واشتهرت بالعلم والتقوى والصلاح السيدة عائشة بنت أحمد بن عبدالله بن عمران والدة ابن عسكر المؤرخ السياسي المعروف. وكان لها في المجتمع المغربي مقامٌ محترم جداً. على أنّ النساء من هذه الطبقة كثيرات في هذا العصر فلا نطيل بذكرهن