للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والطب أيضاً لم يعدم من كان معنياً به، ومن ألف فيه من رجال هذا العصر، وقد كان من المبرزين في العلوم العقلية والكونية على العموم أبو زيد الفاسي وابن سليمان الروداني وأحمد بن مبارك اللطي وبرع في الطب بالخصوص عبد الوهاب أدرّاق وعبد القادر ابن شقرون وعبدالله بن عزوز المراكشي.

ولا ننسى أنه في هذا العصر وقع تسجيل الموسيقى الأندلسية باعتناء المتفنن البارع محمد بن الحسين الحائك الذي ساءه ما آل إليه حال هذه الموسيقى من الضياع، فعمل على إنقاذها بوضع كناسته الشهيرة باسمه، الحاوية لجميع الأغاني التي تتكون منها النوبات أي القطع الموسيقية الإحدى عشرة التي بقيت من الطرب الأندلسي، وهي رمل الماية، الأصبهان، الماية، أرصد الذيل، الاستهلال، الرصد، غريبة الحسين، الحجاز الكبير، الحجاز المشرقي، عراق العجم، المشتاق. ثم نظمها بحسب تلك النوبات وأشار في ملاحظات هامة إلى بعض الفروق والاختلافات بين تلك الأغاني وكيفية استعمالها، فحفظ بهذا العمل الهيكل العام لهذه الموسيقى وكان ذلك هو التسجيل الأول لهذا الفن الأندلسي الرفيع.

وما دمنا أشرنا إلى الفن وبعض مظاهر نشاطه، فلنذكر أنه في هذا العصر أيضاً وقع تفنن كبير في تحسين الخط المغربي وما يرجع إليه من الزخرفة الكتابية وجدولة الكتب الملونة والتنمّق في وضع التراجم المذهبة. وتقررت الأصول الفنية لأنواع الخطوط حتى وضعت لها الأسماء الأعلام التي تميز بعضها عن بعض كالمبسوط الذي تكتب به المصاحف القرآنية، والمجوهر الذي يستعمل في كتابة المراسيم السلطانية ونسخ كتب الحديث الشريف وما إلى ذلك والمسند الذي تنسخ به الكتب العلمية وغيرها. وقد امتازت بجودة الخط وجماله بعض المدن كفاس ومكناس وسلا وبعض القبائل كالأخماس التي عرف أهلها بحسن الخط، وكتبوا المؤلفات العديدة التي بقيت شاهداً على ما كان لهذه القبيلة من ماض علمي زاهر. ويلحق بالخط المغربي الأرقام الحسابية المعروفة بالغباري وبحرف الغبار وهي التي تسميها الكتب الإفرنجية الأرقام العربية (Les chiffres arabes) ولا تستعمل إلا في بلاد المغرب من الوطن العربي على أنها منتشرة في جميع أقطار العالم. . ويقال إن أول من أدخلها إلى أوربا هو البابا سلفستر الثاني وكان ممن أخذ العلم ببلاد الأندلس والمغرب. ومع العلم بأنها عربية قطعاً لا ندري أول من استعملها ولعلها من اختراع

<<  <  ج: ص:  >  >>