كبير أدب بل الأدب أن يكون النفي شاملاً لوجود كل إله يقد سوى الحق سبحانه على ما قاله النحاة أو للماهية لا بقيد على ما قاله المتكلمون كما هو معروف في بحثهم مع النحاة حيث يقيدون بالوجود. الرابع أن في كلامه تناقضاً حيث نقل عن بعض العلماء أن النفي لمن يستحيل كونه والإثبات لمن يستحيل عدمه فإن من يستحيل كونه مفهومه كلي لا يحضر فيما ادعاه المشركون فإن سلم هذا الكلام لزمه التناقض. وما قاله هذا العالم هو الحق الذي لا شك فيه، وقد اعترض الهبطي كلامهما معاً فقال في بيان وجه المواخذة على الخروبي: إنه سلط النفي على ما ادعاه المشركون، وما ادعاه المشركون ثابت موجود لا يتناوله النفي بالكلية. وقال في وجه المواخذة على اليسيثني مخاطباً له: أنكم تعقبتم على الخروبي قصر النفي على ما ادعاه المشركون فقط حتى إنه لو ادخله في جنس الالاه ليعم لكان مسلماً عندكم. والحق أن جنس الإله المعبود بحق، غير جنس الإله المعبود بالباطل. إذ كل واحد مميز بحده محتو على أفراده.
ولما قال الهبطي ما ذكر رد عليه اليسيثني وشنع عليه الناس تشنيعاً عظيماً في قوله إن معبودات الكفار لا دخل لها في النفي ثم وصلت المسألة إلى السلطان وهو محمد الشيخ السعدي فبعث إلى الهبطي وعقد بفاس مجلساً للمناظرة لكن الهبطي لم يشأ أن يدخل فيها فانفصلوا على غير طائل ولم تزل المسألة مثار نزاع شديد بين الطلبة والمؤلفين في التوحيد