حتى تادت إلى العصر العلوي فتصدى لها أبو علي اليوسي وبسطها بما لا مزيد عليه من البيان في كتابه القيم «مناهج الخلاص من كلمة الإخلاص». ونحن نقتضب من كلامه جملاً نقرر بها معنى ما تقدم، فإنه قال بعد هذا الكلام: وإذ قد تعرضنا لكلام هؤلاء الأئمة فلا بد أن نتصفحه بعض التصفح ونشير إلى ما عند كل واحد في كلامه ما لا بد من الإشارة إليه والتنبيه عليه معطياً إن شاء الله كل ذي حق حقه، ومعطياً أيضاً الحق حقه، فإن لحوم العلماء مسمومة، والصدع بالحق سنة معلومة. ثم قال:
أما كلام الخروبي فموضع الاعتراض منه هو قوله إن النفي لا يتناول إلا ما ادعاه المشركون من آلهة سوى الله تعالى فإنه يظهر إنه أراد الآلهة الخارجية عند المشركين من حجر وشجر وفلك ونحو ذلك فاعترض عليه اليسيثني بأن هذه الخارجية جزئيات ومدخول لا يجب أن يكون كلياً إلى آخر كلامه. واعترض عليه الهبطي بأن تلك الآلهة الخارجية موجودة فلم يصح نفيها فإن نفي الموجود كذب. وهذا مبني على أن المراد من قوله ما ادعاه المشركون مصدوقه الخارجي وليس هذا بواجب أن يراد، ولا بد أن تعلم أنه من الأشياء الضرورية أن كل لفظ واقع على كلي كالإنسان والفرس والشجر ونحو ذلك لا بد له من اعتبارين أحدهما مفهومه وهو ما يتصور منه كالحيوان الناطق من الإنسان والحيوان الصاهل من الفرس مثلاً الثاني مصدوقه وهو ما يقع عليه من الأفراد باعتبار وجود معناه فيه كزيد وعمرو وزينب وهند للإنسان، فأما