الأول وهو المفهوم فهو كلي أبداً في نحو هذا وهو متصور في الذهن سواء كان له وجود في الخارج أم لا. وأما الثاني وهو المصدوق فقد يوجد للكلي منه واحد وقد يوجد كثير وقد لا يوجد شيء أصلاً كالشريك وبحر من زئبق.
إذا تقرر هذا فنقول قول الخروبي ما ادعاه المشركون يحتمل أن يريد به مصدوقه الخارجي كالشجر والحجر وهذا موضع الاعتراض ويحتمل أن يريد به مفهومه وهو مفهوم الشريك الكلي أو الشركاء فإن المشركين على اختلاف نحلهم وتباين مللهم من وثني وفلكي وثنوي ومثلث وغير هؤلاء متفقون على أمر واحد هو القدر المشترك بينهم وهو تجويز أن يكون مع الله جل اسمه وتعالت كلمته من يشاركه في استحقاق العبادة ثم لم يقتصروا على هذا التجويز بل حكموا بوجود ذلك غير إنهم اختلفوا بعد ذلك فمنهم من يثبت شريكاً واحداً هو فاعل الشر كالثنوي، ومنهم من يثبت اثنين كالنصراني المثلث. وهؤلاء غلاء المشركين القائلون بالشركة في الألوهية الحقيقية. ومنهم من لا تنضبط حاله بل يثبت ما اتفق له ما قام له عليه داع إلى الشركة وباعث إلى العبادة كغيرهم من الوثنيين والفلكيين ونحوهم فقد اجتمعوا على إثبات الشريك المستحق العبادة في الجملة. وهذ مفهوم كلي من غير التفات إلى مصدوقاته الخارجية في زعمهم. ولا شك أن هذا المفهوم الكلي قد ادعوه كلهم ولا أشكال أنه هو المنفي في الكلمة المشرفة فيجب أن يكون هو