للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيعتنا وهي لازمة لك فالطاعة واجبة عليك. وأعلم أن والدك أفضل منك بدليل؛ (آباؤكم خير من أبنائكم إلى يوم القيامة) وكان عمنا عبد الملك رضي الله تعالى عنه وسمح له على ما كان عليه واشتهر به إعلاناً. وكان والدك في دولته وبيعه ووفد عليه ولم يستنكف من ذلك ولا ظهر منه ما يخالف السلطنة ولا أنكر عليها ولا تعرض لما يسوء ملك الوقت ولا سمع ذلك منه، فإن كان راضياً بفعله فهو مثله وإن لم يكن راضياً فما وجه سكوته والوفادة عليه؟ وإما ما ذكرتم من أن من أعان على قتل مسلم ولو بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينيه آيس من رحمة الله؛ فهذه حجة عليك لا علينا لأني ما سعيت في قتل أحد ولا قتل من قتل إلا بأمر القضاة وأهل العلم. وأعلم أنه إذا كان هذا وعيداً في قتل الواحد فما بالك بمن يريد فتح باب الفتنة حتى لا يقف القتل على المائة والمائتين والألف والخمسة آلاف ونهب الأموال وكشف الحريم وغير ذلك. أما تعلم إن أيام فتنة أبي محلي قد هلك من النفوس والأموال بسببها ما لا يحصي عدده حاسب. ولا يستوفي نهايته كاتب، وكان ذلك في صحيفته لأنه المتسبب الأول الفاتح أبواب الفتنة لأنه كان يقتل كل من انتمى إلينا حتى قتل بسبيه في يوم واحد بمكان واحد خمسمائة قتيل ولولا أبو محلي ما قتلوا.

وأعظم في حرمة النفوس من هذا قوله تعالى: «ومن أجل ذلك، كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفسٍ أو فسادٍ في

<<  <  ج: ص:  >  >>