وعلمنا أنهم أهل خدع ونقض عهود فأخذنا أهبة الحرب لهم وجعلنا عليهم العيون ليرفعوا إلينا أحوالهم فاتتنا الأنباء في سحر يوم الجمعة الحادي عشر من رجب المذكور بأن العدو قد قصد بجيوشه نحو المسلمين يرى أنه قد اغتنم فرصته في ذلك الحين فانتدبت إليه أبطال المسلمين وفرسان المجاهدين فتغشته قبل أن يتغشاها (١) وتغدته قبل أن يتعشاها، وانقضت جيوش المسلمين في جيوشهم انقضاض العقاب على عقيرته، ووثبت عليهم وثوب الأسد على فريسته، وقصدنا برايتنا السعيدة المنصورة، في سائر المشاهد المشهورة، في جيوش لمتونة نحو الفونش فلما أبصر النصارى رأيتنا المشتهرة المنتشرة ونظروا إلى مراكبنا المنظمة المظفرة، وغشيتهم بروق الصفاح، وأظلتهم سحائب الرماح، وزلزلت حوافر خيولهم رعود الطبول بذلك الفياح، التحم النصارى بطاغيتهم الفونش وحملوا على المسلمين حملة منكرة فتلقاهم المرابطون بنية صادقةٍ خالصة وهمم عالية فعصفت ريح الحرب، ووكفت ديم السيوف والرماح بالطعن والضرب، وطاحت المهج، وأقبل سيل الدماء في هوج، ونزل من سماء الله على أوليائه النصر العزيز والفرج، وولى الفونش مطعوناً في إحدى ركبتيه، طعنة أفقدته إحدى ساقيه، في خمسمائة فارس من مائة وثمانين ألف فارس ومائتي ألف راجل، قادهم الله إلى المصارع والحتف
(١) في الأصول فتعشته بالعين المهملة وليس بصواب فإن المراد نازلته وغسّيته.