للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العاجل، وتخلص لعنه الله إلى جبل هنالك ونظر النهب والنيران في محلته من كل جانب وهو من أعلى الجبل ينظرها شزراً، لم يجد عنها صبراً، ولا يستطيع عنها دفاعاً ولا لها نصراً فأخذ يدعو بالثبور والويل، ويرجو النجاة في ظلام الليل وأمير المسلمين بحمد الله قد ثبت في وسط مراكبه المظفرة، تحت ظلال بنوده المنشرة منصور الجهاد، موفور الأعداد، يشكر الله تعالى على ما منحه من نيل السؤال والمراد، وقد سرح الغارات في محلاتهم تهدم بناءها وتستلم ذخائرها وأسبابها، وتريه رأي العين دمارها ونهابها، والفونش ينظر إليها نظر المغشي عليه ويعض غيظاً وأسفاً على أنامل كفيه، وحين تمت الهزيمة وتتابع الفرار، عاد رؤساء الأندلس المنهزمون نحو بطليوس والغار، وتراجعوا حذراً من العار ولم يثبت منهم غير زعيم الرؤساء والقواد، أبو القاسم المعتمد بن عباد، فأتي إلى أمير المسلمين وهو مهيض الجناح، مريض عناء وجراح (١)، فهنأه بالفتح الجميل، والصنع الجليل، وتسلل الفونش تحت الظلام، فاراً لا يهدأ ولا ينام، ومات من الخمسمائة فارس الذين كانوا معه بالطريق أربعمائة فلم يدخل طليطلة إلا في مائة فارس والحمد لله على ذلك كثيراً.


(١) أبلى المعتمد في وقعة الزلاقة بلاء حسناً وأصيب فيها بجروح.

<<  <  ج: ص:  >  >>