هناك وفقهم الله بساحة ذلك القطر وثراه، وغشيه منهم ما غشيه وعراه، وما ترك القطا به أن يطعم كراه.
وكان التخييم الملاصق، والتدويم المراهق، والحق يتجلى، والنصر يتولى من إظهار الطائفة العزيزة ما يتولى، إلى أن صرف الله ألباب القوم المذكورين إلى قبلة الإصابة، وأراه أن النجاة في جانب هذه العصابة، والحياة في قرارها الذي هو مقر قرار اليمن والمثابة، فاتفق رأيهم على إنفاذ جماعة منهم فيهم أخو أبي زكرياء وشيوخ صنهاجة وقسنطينة معتصمين بهذه العروة الوثقى، مستسلمين للأمر الذي لا يقابل بعناد ولا يلقى، سائلين من التأمين والإبقاء ما يدوم خيره للمحق السائل ويبقى، ووصلت الجماعة المذكورة إلى هذه الحضرة المحروسة يسعى أملها بين يديها، ويعرف القصد عما لديها، وأنهت ما تحملته من المخاطبة، وأمته لها ولمن وراءها من حسن العاقبة، فمنَّ الله على جميعهم بتيسير مطلبهم، وإجمال منقلبهم، وصدروا إلى مرسلهم تتهلل أسرتهم، وتتجمل بحلل العافية والنعمة الصافية كرتهم، فأتوا قومهم على تطلع إلى بشراهم، وتمتع بطيب ذكراهم، وأعلموهم بالصنع الذي عرفهم تعظيم صنع الله وأدراهم، فرأوا أجمعين أن الله سبحانه سنى لهم بفضله غاية ما طلبوا، ورزقهم من حيث لم يحتسبوا، ووهبهم من إيواء الفضل وقبوله فوق ما استوهبوا، حين لم يكن لهم منجى إلا الذي نزحوا عنه وهربوا، وفتحوا أبواب المدينة المذكورة عند تيقن الأمر وتحققه، وتعرف سنة هذا الأمر المبارك وعظيم خلقه، وخرجوا عن آخرهم فرحين بفضل