للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أباطحها وآكامها من مواطئ أوليائه وأنصاره، وإن أبا زكرياء يحيى ابن العزيز بالله بن المنصور (١) وجميع إخوته وقرابته وخوولته حسين أتاهم الرائد الذي لا يكذب أهله، وانتحاهم القائد المبيح وعر المنتحى وسهله، لم يكن لهم بد من التولي عن قرارهم والتخلي عن أوطانهم وأقطارهم، لأمر قضى الله فيه هذا الأمر المبارك بخير قضائه، وشأن طوى الخيرة درج تضمنه واقتضائه، فكان مأمهم الذي اعتقدوا منعته وحصانته، واعتمدوا ثقته عليهم وأمانته، بلد قسنطينة عمره الله، لكونه بحيث لا ينال بقدرة مخلوق، وأين (٢) يستعلى بامتناعه على كل ملحوظ بعين المحاربة أو مرموق، وكانت جمل من عساكر الموحدين حين اختلال الجملة المذكورة فيه، واعتدادهم في عداد من يحويه ويؤويه، بجهة القلعة حرسها الله على إثر فتحها الميسر، ونيل أجرها على الوجه المتخير، فأنهض منهم بعون الله إلى تلك الجهة من رجي الخير في إنهاضه، وحض على خدمة هذا الأمر وأغراضه، فحين أم الناهضون المذكورون وفقهم الله بجهات قسنطينة حرسها الله، فتح لهم الفتح الذي تقدم إليكم بيان القول فيه وإعرابه، وأورد عليكم إبداع القدر في تقريبه وإغرابه، وعلمتم كيف انهزمت له جموع الضلال وأحزابه، وحل الموحدون


(١) يعني صاحب مملكة بجاية التي اكتسحها عبد المؤمن في جملة ما اكتسح من بلاد الشمال الإفريقي.
(٢) أين هذه، معطوفة على بحيث قبلها.

<<  <  ج: ص:  >  >>