الله تعالى بنفسه الزكية، وإكنان درته السنية، وانقلابه إلى ما أعد له من المنازل الرضوانية بجليل ما وقر لفقده في الصدور وعظيم ما تأثرت له النفوس لوقوع ذلك المقدور، حناناً للإسلام بتلك الأقطار، واشفاقاً من أن يعتور قاصدي بيت الله الحرام من جراء الفتن عارض الإضرار، ومساهمة في نصيب الملك الكريم والوصي الحميم.
ثم عميت الأخبار وطويت طي السجل الآثار، فلم نر مخبراً صدقاً ولا معلماً بمن استقر له ذالكم الملك حقاً، وفي أثناء ذلك حفزنا للحركة عن حضرتنا استصراخ أهل الأندلس وسلطانها، وتواتر الأخبار بأن النصارى أجمعوا على خراب أوطانها، ونحن أثناء ذلك الشأن، نستخبر الوراد من تلكم البلدان، عما أجلى عنه ليل الفتن بتلك الأوطان، فبعد لأي وقعنا منها على الخبير وجاءنا بوقاية حرم الله بكم البشير، وتعرفنا أن الملك استقر منكم في نصابه، وتداركه الله تعالى منكم بفاتح الخير من أبوابه فأطفأ بكم نار الفتنة وأخمدها، وابرأ من أدواء النفاق ما أعل (١) البلاد وأفسدها، فقام سبيل الحج سابلاً، وعبد طريقه لمن جاء قاصداً وقافلاً، ولما احتفت بهذا الخبر القرائن، وتواترت بنقل الحاضر المعاين، أثار حفظ الاعتقاد البواعث، والود الصحيح تجره حقاً الموارث، فأصدرتنا لكم هذه المخاطبة المتفننة الأطوار، الجامعة بين الخبر