للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن على قلبي جمرة، من معاتبتك يا ذات السمرة أعندك يا سمراء ما عندي، وليس قدك كقدي ولا خدك كخدي، جبيني ذو ابتهاج، ودواني كقطع الزاج (١)، ورشح عرفي كمسك اذفر، يرشح من تحت البرد والمغفر، وتغري أقحوان، وديباج وجهي أرجوان، وإن أسبلت شعري المضفور فظلام ليل على بياض كافور، ثم أنشدت:

قل للذي أزرى بأهل البياض. . . ما أنت إلا باطل الاعتراض

فورد خدي أبداً زاهر. . . في كل فصل فوق خدي رياض

يا حاسدي مت كمداً إنما. . . تجني المنى من الحدود الغضاض

ثم سلمت بالبنان، وأمسكت العنان، فتقدمت السمراء وحطت اللثام، عن وجه شهي الإلتثام، وأبلغت في السلام، وأقبلت تواضعه على رؤوس الأقدام، فوقفت كالغلام وأفصحت في الكلام، وقالت:

الحمد لله الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم وجعله أفضل الحيوان، وفرق بين الصور والألسنة والألوان، وزين الأبيض بشعر كالغسق، وامتداد الحاجبين وسواد الحدق، وأجل ما يقف له العاشقون إجلالاً، ويرتجلون فيه الأشعار ارتجالاً، مسكة الخال، وعقرب الدلال ثم


(١) الزاج عقار يصنع منه المداد.

<<  <  ج: ص:  >  >>