للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التفتت إلى البيضاء وقالت: يا أشبه شيء بجبن الروم، أخرقت حجاب الأشروم (١)، ما زال طعامك قليل الملح، وجفنك كثير الرشح، ولبنك أذى، وعسلي أنا غذا، ولوني لون الخمر، وطعمي طعم التمر، ثم أنشدت:

الحمد لله ليس التبر كالورق. . . قد أحسن الله في خلقي وفي خُلقي

فالجسم مني ضار صيغ منظره. . . بمسكة فغدا طيباً لمنتشق

يا من يعيرنا باللون إن لكم. . . جهلاً يقود إلى الطغيان والحمق

كم أسمر قلبه كافورة وله. . . من العادة نجم لاح في الأفق

فلما فرغت من كلامها، وما أبدعته من حسن نظامها، تبرقعت بنقابها، وسلمت على الصفين، وقبلت أسارير الكفين، وإذا بجارية تتخطى الرقاب، بعد أن حطت النقاب عن ديباج صقيل، ورنت بطرف كحيل، ومالت بقد قويم وردف ثقيل، فسمعتها تقول: إليكم يا ذوي العقول، فلعلكم تحكمون بيني وبين هذه القصيرة، فإنها عمية البصيرة، تعيب الكمال، وهي الطبقة الثانية من الجمال، ثم قالت في الثناء على ذي الجلال وأجادت في المقال:

الحمد لله فالق الأصباح من بعد الغيوم، لا إله إلا هو الحي القيوم،


(١) لعله يعني الفرج فإن من أسمائه الشريم ولم نقف على الأشروم.

<<  <  ج: ص:  >  >>