للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما خيمنا بشاطئ وادي العبيد، قابلنا بوجه الجبار العنيد، وأبدى من مده آية الإعجاز، وقال بلسان حاله لا تجاز لا مجاز، واستعان من ثلج الجبال بالمذاب، فأرانا بحراً طامي العباب:

نهر يريك السهم سرعة جريه. . . والبحر عمقاً والشفير سعيراً

فليسلم النفس المريد عبوره. . . إن لم يكن لطف الإله ظهيراً

فأحجم عن عبوره القوم، واستبشر بالزبون العارف بالسباحة والعوم، وبات الناس في الآراء يترددون، ولقصص الناجين والغرقى يعددون، وقصارى أمنية كل واحد عبور ذلك الصراط، والانتظام في سلك الناجين والانخراط، حتى أنشد بعضهم واستحسن، وتمنى ما تمنى الحسن (١):

ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة. . . بسهب الشنين أو بسهب بني ورا

وهل تعبرن نهر العبيد ركائبي. . . وهل أتركن دايا وأدواءها ورا

فلما تبلج أدهم الليل عن أشهب الصباح، وحيعل الداعي بحي على الفلاح، وتولت نجوم الليل تقفو إثره، وغدت سيوف ذكاء تخرق ستره، وأدى الناس النفل والفرض، وأشرقت بنور ربها الأرض:


(١) يريد به الحسن اليوسي الشهير.

<<  <  ج: ص:  >  >>