فجاءه الناظر عليه، فقال أخرج إلى زرعك حتى تكتاله، فقال غداً الجمعة لا أقدر على الخروج، فقال له أن تركته نهب، لأن الناس في حاجة شديدة والموضع قريب تدرك منه الجمعة، فخرج غدوة واشتغل في كيله ونقله وأتى المدينة فوجد الناس قد انصرفوا من الصلاة، فتصدق بالطعام الذي وجد في ذلك الفدان وحبس الفدان على المساكين. وكان للشيخ أبي القاسم بن خنوشة بستان وأعطي في فاكهته سوماً، فقال للمشتري: اتركني هذه الليلة حتى أرى رأيي، أما أن أنفذ لك البيع أو أرده. فلما كان من الغد جاء من أعطاه في البستان ستين ديناراً أو أكثر زيادة على القيمة الأولى، فبعث الشيخ أبو القاسم للمشتري الأول، وقال له أعطيت في البستان زيادة، فإن أردت أن تمسك بستانك بالثمن الأول، فأفعل وإن أردت أن تأخذ الزيادة فهي لك لأني البارحة أنفذت لك البيع بقلبي بالسوم الذي أعطيتني فأخذ المشتري الزيادة التي زاد المشتري الثاني ولم يأخذ الشيخ إلا الثمن الأول.
وكان الشيخ صالح بن حرزهم فقيهاً ورعاً وهو عم الشيخ علي ابن حرزهم، رحل إلى المشرق فانقطع مدة بالشام، وفي قرية بيت المقدس قدم للصلاة فبقي هنالك حتى نزل عليه يوماً أبو حامد الغزالي مع أصحابه وكان في المسجد عريش عنب قد ظهر فيه الحصرم، فقال أصحاب أبي حامد اشتهينا حصرماً، فقال لهم سلوا