الشعر في قطرهم وتهذبت مناحيه وفنونه وبلغ التنميق فيه الغاية استحدث المتأخرون منهم فناً سموه بالموشح ينظمونه أسماطاً أسماطاً وأغصاناً أغصاناً يكثرون منها ومن أعاريضها المختلفة ويسمون المتعدد منها بيتاً وأحداً ويلتزمون غدد قوافي تلك الأغصان وأوزانها متتالياً فيما بعد إلى آخر القطعة وأكثر ما ينتهي عندهم إلى سبعة أبيات ويشتمل كل بيت على أغصان عددها بحسب الأغراض والمذاهب وينسبون فيها ويمدحون كما يفعل في القصائد اهـ. ولم يلتزموا في أوزانه بحراً من البحور الخمسة عشر بل صنعوا على كل بحر منها وربما استعملوه في الألحان المولدة والطبوع المخترعة والنغمات المستحدثة الخارجة عن أوزان العرب رأساً وهذا الاستعمال أغلب عليهم، ثم قال ابن خلدون:
وأول من اخترع التواشيح بجزيرة الأندلس مقدم بن معافر القبري من شعراء الأمير عبد الله بن محمد المرواني وأخذ عنه ذلك أبوعبد الله أحمد بن عبد ربه صاحب كتاب العقد ولم يظهر لهما مع المتأخرين ذكر وكسدت موشحاتهما، فكان أول من برع في هذا الشأن بعدهما عبادة القزاز شاعر المعتصم بن صمادح صاحب المرية وقد ذكر الأعلم البطليوسي أنه سمع أبا بكر بن زهر يقول الوشاحون كلهم عيال على عبادة فيما اتفق له من قوله: