للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تاريخه أن علياً هذا استجاز أبا عبد الله أحمد بن محمد الخولاني جميع رواياته لعلو إسناده فأجاز له. وأبوه أبو يعقوب مع نشأته في الصحراء كان لا يمضي أمراً إلا بمشورة الفقهاء، وفي هذا النص مصداق لما قدمناه عن المراكشي من نشاط الحياة الفكرية في هذا العصر، زيادة على ما تضمنه من كون أمير المسلمين نفسه كان يهتم بالحديث والرواية، حتى إنه ليستجيز العلماء ذوي السند العالي. وكان الأمير ميمون ابن ياسين أيضاً من عُني بالرواية وسماع العلم. وله رحلة حج فيها وسمع بمكة من أبي عبد الله الطبري صحيح مسلم سنة ٤٩٧ وسمع بها أيضاً من أبي مكتوم بن أبي ذر الهروي صحيح البخاري في أصل أبيه أبي ذر وابتاعه منه بمال جزيل فأوصله إلى المغرب.

ولما ذكر الحافظ السلفي أبا مكتوم هذا في كتابه الوجيز قال: «كان ميمون بن ياسين من أمراء المرابطين رغب في السماع منه بمكة واستقدمه من سراة بني شبابة، وبها كان سكناه وسكنى أبيه أبي ذر من قبله. فاشترى منه صحيح البخاري أصل أبيه الذي سمع فيه على أبي إسحق المستملي وغيره بجملة كبيرة وسمعه عليه في عدة أشهر قبل وصول الحجيج». ثم قفل ميمون هذا وحدث بالأندلس، فسمع الناس منه بإشبيلية وغيرها. وممن حدث عنه أبو إسحق بن حبيش وأبو القاسم بن بشكوال وأبو إسحق بن فرقد وأبو بكر بن خير وغيرهم. فهل بعد هذا غاية في التعلق بالعلم وتشجيعه من رجال الدولة المرابطية؟

واشتهر بالأدب وقول الشعر منهم الأمير أبو بكر بن إبراهيم المسوفي الصنهاجي المعروف بابن تافلويت صهر علي بن يوسف، وكان والياً على تلمسان وعلى سرقسطة ويأتي بعض شعره في قسم المنتخبات.

ولم يقتصر هذا الولوع بالعلم والنبوغ في الأدب على الرجال منهم بل إن النساء شاركن أيضاً بنصيبهن في ذلك. وممن احتفظ التاريخ بأسمائهن من نوابغ المرابطيات الأميرة تميمة بنت يوسف بن تاشفين أخت علي، وتكنى أم طلحة. سكنت فاساً وكانت كاملة الحسن راجحة العقل مشهورة بالأدب والكرم. وحكايتها مع كاتبها تأتي في الجزء الثاني. ومنهن زينب بنت إبراهيم بن تافلويت أخت أبي بكر المذكور آنفاً، كانت زوجا للأمير أبي الطاهر تميم بن يوسف بن تاشفين وكانت من أهل الخير

<<  <  ج: ص:  >  >>