الذي يقال أن المعتمد كتب به إليه، فلما قرئ عليه قال: لعله يطلب منا جواري سوداً وبيضاً! . . فيا للصبيانيات تروى للتنقيص من ذوي الأخطار! . .
نعم لقد أهدى يوسف للمعتمد جارية نروي خبرها في الجزء الثاني، وهذا الخبر وحده كاف في الدلالة على ما كان ليوسف من عناية بالأدب وأهله والفن وأربابه، حتى الجواري المغنيات المؤدبات! . . ولا غرو فتلاميذ مدرسة ابن ياسين أقل ما يتوفر فيهم المعرفة باللغة العربية. على أن النبغاء في العلم والفقه من اللمتونيين قد ظهروا قبل دخول ابن ياسين إلى الصحراء، وقد تقدم ذكر بعضهم في العصر السابق.
وممن كتب لعلي بن يوسف من أدباء الأندلس باستدعاء منه الوزير أبو القاسم بن الجد المعروف بابن الأحدب، وأبو بكر بن محمد المعروف بابن القبطرنه. . ونصنا على الاستدعاء وأنه من أمير المسلمين نفسه لإظهار كامل العناية التي لقيها هؤلاء الأدباء من رئيس الدولة وما كان لهذا الرئيس من عظيم الالتفات إلى ذوي الكفايات الأدبية من رجال الأندلس.
ومن قول أحد شعرائهم فيه مشيراً إلى تقديم والده على أخيه تميم وهو أصغر منه:
لئن كان في الأسنان يحسب ثانياً ... علي وفي العلياء يحسب أولاً
كذلكم الأيدي سواء بنانها ... وتختص منهن الخناصر بالحلى
أما من التحق بخدمة بقية الأمراء المرابطين من أدباء الأندلس ولقوا منهم كل بر ورعاية فكثير، منهم الفيلسوف الأديب أبو بكر بن باجة الذي كتب للأمير أبي بكر إبراهيم المعروف بابن تافلويت وحظي عنده حظوة كبيرة، وله فيه مدائح كثيرة. ولما توفي رثاه بعدة مرات تعبيراً عن وفائه له، لما كان يجده عنده من مزيد الرعاية وحكايته معه لما سمع موشحة له في مدحه فحلف لا يمشي ابن باجة لداره إلا على الذهب تأتي في الجزء الثاني. ومدح هذا الأمير أيضاً الشاعر ابن سارة الشنتريني. وهذه الأشعار كلها مذكورة في قلائد العقيان.
ومنهم الفتح بن خاقان الكاتب البليغ صاحب كتابي القلائد والمطمح المعروفين،