إلى ما بعد طبعه ومنعه. والآن وقد مرت على ظهور طبعته الأولى هذه المدة الطويلة، وكثر الطلب عليه من مختلف الجهات وخصوصاً بعد استقلال المغرب، وتوجه الأنظار إلى هذه البلاد التي كانت محاطة بستار حديدي من نظام الحماية، يمنع الاتصال بينها وبين شقيقاتها العربيات، والأوطان الإسلامية الأخرى، وسائر العالم الحر، فأن الحاجة أصبحت جد ماسة إلى إعادة طبعه، وتقديمه وثيقة وسنداً إلى جميع هؤلاء الذين يهمهم الوقوف على تاريخ المغرب الفكري وماضيه الحضاري. ولكن بعد مراجعته طبعاً وتجديد النظر في محتوياته من مادة وفكرة وترتيب، ضرورة أن المعلومات التي كانت لدينا زمن تأليفه هي غير المعلومات الآن، والتفكير وسائر وسائل العمل، قد تطورت بتطور الزمن، فلم يكن أبدا من إدخال تعديل جوهري عليه يتلخص فيما يلي:
أولاً - إضافة المواد الجديدة التي وقفنا عليها بعدُ، سواء فيما يرجع إلى تراجم الأشخاص أو الآثار الأدبية، أو الدراسات الموضوعية التي تناولناها في مختلف العصور، فقد ظهرت في عالم الطباعة كتب مهمة لها اتصال وثيق موضوعنا كمجموعتي رسائل موحدية، ورسائل سعدية، ورابع البيان المغرب لابن عذاري، ومغرب ابن سعيد، والغصون اليانعة، ورايات المبرزين له، واطلعنا على الحماسة المغربية اللجراوي، وتثير الجمان لابن الأحمر والمدارك للقاضي عياض، ورحلة ابن رشيد، وغير ذلك من المخطوطات النادرة التي تحتوي على مواد أساسية في الموضوع كان من الضروري أن تضاف إلى أماكنها وتكمل عناصر البحث.
ثانياً - تصحيح بعض الأغلاط التي وقعت لنا في كتابة بعض التراجم، ونسبة بعض الآثار الأدبية والعلمية لغير من هي له، والحكم في بعض المسائل بما ظهر لنا خلافه وما إلى ذلك. ويقوي الداعية إلى هذا التصحيح أننا رأينا الذين كتبوا في موضوع الأدب المغربي يقلدوننا في تلك الأغلاط، سواء الذي صرح منهم باعتبار النبوغ من مراجعه، والذي لم يصرح بذلك، وهو أمر مؤسف يدل على ضعف الهمم، وكلال العزائم، في الذين تصدوا حتى الآن لهذا البحث، على الرغم من تيسير صعابه، وتذليل عقابه. ولذلك كان لزاماً علينا أن نبادر بتصحيح كل غلط من هذا القبيل ولو للمحافظة على هذه الثقة (العمياء) التي وضعها فينا الزملاء الكرام.