ثالثاً - تحرير بعض الفصول من التأثير السياسي، والعاطفي الذي كتبت به، نتيجة لما كان المغرب يمر فيه من ظروف سياسية، وأحوال اجتماعية معاكسة لمطامحه العليا، وآماله الكبرى، في الوحدة والاستقلال، والتطور داخل إطار العروبة والإسلام. . ومن أخطر ذلك السياسة البربرية التي انتهجها الاستعمار الفرنسي للتفرقة بين عناصر المواطنين المغاربة، وتأليب بعضهم على بعض أخذا بمبدأ فرق تسد. . فكان الكتاب كلما سنحت الفرصة، يحمل على هذه السياسة حملة شعواء، ويوجه القارئ المغربي في الاتجاه السليم المجاني لهذه العنصرية المقيتة، والذي هو الحق والصواب، والآن لما شالت زعامة الاستعمار، وفشلت سياسته في هذا الصدد، لم يبق موجب لذلك التوجله، أو على الأقل للهجة الشديدة التي كتب بها ذلك التوجيه.
رابعاً - تحوير في التصميم الذي وضع عليه الكتاب، فنحن لقلة المعلومات التي كانت عندنا عن العصر المرابطي أو لضعف استعدادنا في استخراج هذه المعلومات من تضاعيف الكتب والمراجع العامة، كنا أدمجنا هذا العصر في العصر الموحدي. والآن وقد توفرت لدينا معلومات قيمة عن المرابطين وعهدهم، فصلنا عصرهم عن عصر الموحدين، وخصصناه بدراسات مهمة عن الاتجاه السياسي، والحركة العالمية، والحياة الأدبية، وميزناه بخصائصه التي ينفرد بها عن العصر الموحدي. وبالطبع فقد خلصنا هذا العصر أيضاً من الاشتباكات التي كانت تجمع بينه وبين العصر المرابطي، لما كانا متداخلين؛ وبذلك نكون قد أعدتنا كتابة العصر الموحدي من جديد، كما أننا كنا العصر المرابطي كله ابتداء.
ويضاف إلى هذا التحوير تقسيم الكتاب إلى ثلاثة أجزاء، فالجزء الأول للدراسات، والثاني للمنتخبات البشرية، والثالث للمنتخبات الشعرية، وقد كان قبل مقسمها إلى جزئيين فقط يجمع الجزء الثاني بين دفتيه المنتخبات الشعرية والنثرية معاً.
وإلى هذا فقد أضفنا زيادات كثيرة إلى غالب الفصول، وخاصة فيما يتعلق بنهضة الفنون ومشاركة المرأة في مختلف مجالات النشاط الفكري للشعب. وبعض الكلمات في هذا الصدد، وهي جهد مقلّ، تفوق ما كتُب بشأنه في بعض التواريخ العامة الأدب العربي جملة.