للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَتَقُولَ مَقَالةً يُطَيِّرُهَا (١) عَنْكَ كُلُّ مُطَيِّرٍ (٢) وَأَنْ لا يَعُوهَا، وَأَنْ لا يَضَعُوهَا عَلَى مَوَاضِعِهَا، فَأَمْهِلْ حَتَّى تَقْدَمَ الْمَدِينَةَ فَإِنهَا دَارُ الْهِجْرَةِ وَالسُّنَّةِ، فَتَخْلُصَ بِأَهْلِ الْفِقْهِ (٣) وَأَشْرَافِ النَّاسِ فَتَقُولَ مَا قُلْتَ مُتَمَكِّنًا، فَيَعِي أَهْلُ الْعِلْمِ مَقَالتَكَ وَيَضَعُونَهَا عَلَى مَوَاضِعِهَا، قَال عُمَرُ: أَمَا وَاللهِ إِنْ شَاءَ اللهُ لأَقُومَنَّ بِذَلِكَ أَوَّلَ مَقَامٍ أَقُومُهُ بِالْمَدِينَةِ، قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: فَقدِمْنَ الْمَدِينَةَ فِي عُقْبِ ذِي الْحَجَّةِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ عَجَّلْتُ بِالرَّوَاح حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ، حَتَّى أَجِدَ سَعِيدَ بْنَ زَيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيلٍ جَالِسًا إِلَى رُكنِ الْمِنْبَرِ، فَجَلَسْتُ حَوْلَهُ تَمَسُّ رُكْبَتِي رُكْبَتَهُ، فَلَمْ أَنْشَبْ (٤) أَنْ خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَلَمَّا رَأَيتُهُ مُقْبِلًا قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ زَيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيلٍ: لَيَقُولَنَّ الْعَشِيَّةَ (٥) مَقَالةً لَمْ يَقُلْهَا مُنْذُ اسْتُخْلِفَ، فَأَنْكَرَ عَلَيَّ وَقَال: مَا عَسَيتَ أَنْ يَقُولَ مَا لَمْ يَقُلْ قَبْلَهُ، فَجَلَسَ عُمَرُ (٦) عَلَى الْمِنْبَرِ، فَلَمَّا سَكَتَ الْمُؤَذَّنُونَ قَامَ فَأَثْنَى عَلَى اللهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَال: أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي قَائِلٌ لَكُمْ مَقَالةً قَدْ قُدِّرَ لِي (٧) أَنْ أَقُولَهَا لَعَلَّهَا بَينَ يَدَي أَجَلِي (٨) , فَمَنْ عَقَلَهَا وَوَعَاهَا فَلْيُحَدِّثْ بِهَا حَيثُ انْتَهَتْ بهِ رَاحِلَتُهُ، وَمَنْ خَشِيَ أَنْ لا (٩) يَعْقِلَهَا فَلا أُحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يَكْذِبَ عَلَيَّ: إِنَّ اللهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - بِالْحَقِّ وَأَنْزَلَ عَلَيهِ الْكِتَابَ فَكَانَ مِمَّا أَنْزَلَ اللهُ آيةُ (١٠) الرَّجْمِ، فَقَرَأْنَاهَا وَعَقَلْنَاهَا وَوَعَينَاهَا رَجَمَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ، فَأَخْشَى إِنْ طَال


(١) "مقالة يطيرها" من أطار الشيء إذا أطلقه.
(٢) في (أ): "يظهرها عندك كل مظهر"، وفي الحاشية: "يظهرها عند كل مظهر".
(٣) "فتخلص بأهل الفقه" أي: تَصِلُ.
(٤) "فلم أنشب" أي: لم أتعلق بشيء غير ما كنت فيه، ، المراد سرعة خروج عمر.
(٥) في (أ): "مقبلًا العشية".
(٦) قوله: "عمر" ليس في (ك).
(٧) قوله: "لي" ليس في (أ).
(٨) "بين يدي أجلي" أي: بقرب موتي.
(٩) قوله: "لا" ليس في (أ).
(١٠) قوله: "آية" ليس في (ك).

<<  <  ج: ص:  >  >>