أن هيئتها وهي عنوان الخلاعة تطمع من يراها في بلوغ إربه منها وتحرك همته للسعي إلى ما توسوس له به نفسه مع أنها لو ألزمت بستر زينتها لسارت في حمى هيبة الاحتشام ولما وجد سفيه من نفسه مطمعاً يؤديه لمداعبتها وانظر ما في هذا البلد من أشرار برعوا في الوقاحة والتحكك بالنساء واستهواء عقولهن وما فيها من أماكن الفجور التي يسمونها سرية وما يوجد بين أكنافها من القوادات المتسترات ببعض الحرف النسائية ألا تكون نهاية ذلك فساد العرض ولو بعد حين خصوصاً مع مواظبة النساء على الخروج وكثرة الأسباب التي يتذرعن لبها إليه فإما شراء شيء من السوق (لا لنفسها فقط أو لها ولأولادها بل لزوجها أيضاً) أو لزيارة أهل أو ضريح أو جبانة أو لنزهة أو حمام أو لحفلة فرح أو موكب جامع كموكب المحمل أو وفاء النيل أو وفود ملك أو أمير أو غير ذلك مما يتجاوز العد ولا يحيط به الحد.
ومع تعرض الأعراض بالخروج لحظ تلك الآلات يسمح الرجال لهن به وتجد المرأة من هذه الأسباب ما يكفي لخروجها من بيتها كل يوم أكثر من مرة وهي مقدمة عندها على واجباتها المنزلية وقد واظب أكثر النساء عليها كل المواظبة ورأي من تفريط رجالهن أكبر مسهل لهن حيث ترك الرجال (غلا قليلاً منهم) أمر الخروج للنساء إن شئن قعدن وإن شئن خرجن ومن منهن تشأ أن لا تخرج.
عرفنا من تمادي النساء على هذا الحال والتزام الرجال الصمت والسكون في هذا المقام رغماً عن تحقيقهم ضرره أدباً ومالاً أن سبب هذا الصمت والسكون مع الحاجة للكلام والحركة السريعة هو وهم ساد على عقول الجنسين في فهم معنى الحرية الشخصية التي أطلقتها الحكومة للرعايا فظنوها حكماً مطلقاً لا قيد فيه ومعنى ذلك أن يمشي كل على هواه في ظل الحرية لا أن تخرج المرأة عن طاعة زوجها وتجري في الحجاب على مشيئتها وقد آنست من الرجل التساهل في حقه فكادت تنكره واسترسلت مع هواها وتوسعت في مطالبها حتى وصلت إلى ما نراها فيه الآن لاهي على الزي الإفرنجي الذي يقتضي الاحتشام من الزينة حيث لا حجاب يسترها ولا هي على الزي البلدي متخذة حجاباً يستر زينتها التي كانت تطمئن في اتخاذها في الأيام الخالية على الحجاب اللائق فأصبحت مثال التبرج ولكن لا تبرج الجاهلية الأولى بل تبرج المدينة الأخرى معنى الحرية أن لا ظلم