لم يكد ينتهي سيدنا أبو بكر رضي الله عنه من حروب الردة وجمع كلمة العرب على الإسلام حتى قام بهمته العلياء بجيش الجيوش وينازل جبابرة الملوك في عقر دارهم وثوقاً بوعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ستفتح عليكم فارس والروم حاملاً إليهم الدعوة إلى الإسلام دين الحق دين الحرية الحقيقية دين الفطرة دين العدل والمساواة ليخلص تلك الأمم التي كان أمراؤها يسومونها سوء العذاب ويعدون نفوسهم آلهة وأممهم عبيداً لينزع عن تلك الأمم الأغلال التي كانت عليها ويبعدها عن جور الحكام وخسف الظلام فتعيش آمنة مطمئنة لا تعبد إلا الله ولا تخاف إلا إياه ولم تكن الدعوة إلى الإسلام أمراً حتماً حتى تكون بمثابة الإكراه بل كان يخيرها بينه وبين الجزية وهي أن تدفع في كل سنة مالاً قليلاً وتكون حرة في عباداتها وتقاليدها على شروط مقررة في الشرع الشريف وهي في ذمة الله ورسوله لها ما للمسلمين وعليها ما عليهم فإن لم تقبل أحد الأمرين كان السيف هو الحكم الفصل لأنها لم يبقَ لها عذر تعتذر به فانتدب أبو بكر رضي الله عنه البطل المغوار سيف الله خالد بن الوليد المخزومي وأمره أن يسير إلى العراف ويبدأ بالأبله وكتب إلى عياض بن غنم أن يقصد العراق أيضاً ويدخل من أعلاه ويسير حتى يلقى خالداً وكان المثنى بن حارثة الشيباني قدم على أبي بكر رضي الله عنه ورغب إليه أن يستعمله على من أسلم من قومه ليغزو بهم أطراف فارس فكتب له أبو بكر بذلك فكان يغزوهم قبل قدوم خالد وأوصى أبو بكر خالداً وعياضاً رضي الله عنهم أن لا يضرا بفلاحي العراق حرصاً على منابع الثروة وأن يستنفرا من قاتل أهل الردة وأن لا يغزون معهما مرتد حتى يرى رأيه لإناء كان يرى أن لا يستعان بمن ارتد على الغزو وكتب أبو بكر على المثنى ومن معه ن يلحقا بخالد بالأبله فسار خالد حتى قارب الأبله والتقى بالمثنى ومن معه وكانوا ثمانية آلاف مقاتل وكان مع خالد عشرة آلاف مقاتل فكان الجيش ثمانية عشر ألفاً فقسمه على ثلاث فرق وسير الفرقتين أمامه وواعدهما الحفير وكان صاحبه عظيماً من عظماء الفرس اسمه