للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[رأينا في إصلاح المدارس]

لم يتفق العقلاء في شيء اتفاقهم على هذه الكلمة الجليلة (العلم حياة الإنسان والمدارس أس العمران) وقد كثر بحث الباحثين عن فضائل المدارس وتنوعت أساليبهم وكان نتيجة ذلك اتفاقهم على أنها باب العمران، وعنوان العرفان، والسبب الوحيد في توحيد الكلمة وتعزيز الجامعة، وحفظ الكلام، وترقية الأذهان، على أن هذا الأمر لا يختلف فيه اثنان، ولا يحتاج إلى بيان وليس من يطلب دليلاً عليه الأمكن يطلب دليلاً على كون الشمس منيرة والقمر مضيئاً.

تتنوع مدارسنا اليوم أنواعاً خمسة دينية وأهلية، أميرية وصناعية والخامسة أجنبية، يقصد من الأولى تحصيل العلوم الشرعية ووسائلها ومن الثانية ما يجعل في نفس الطالب استعداداً يمكنه بسببه أن يسلك أي مسلك أراد، ومن الثالثة وظائف الحكومة والانخراط في سلكها، ومن الرابعة ما يؤهل الطالب للخوض في معترك هذه الحياة، ومن الخامسة قالوا تعلم العلوم واللغات وغير ذلك ونقول إفساد العقائد والعادات وفوق ذلك، وها نحن أولاء نتكلم على هذه المدارس كلاماً عاماً ثم نعود فنتلكم على كل واحدة منها بالخصوص مبينين ما لها وما عليها وما يلزمها من أسباب الرقي إنشاء الله تعالى.

الأخلاق

أول شيء ينتقد على المدارس الأخلاق. وعدم التأدب بالآداب المرضية إذ لا نمتري بأن الكثير منهم أغفلوا ذلك الأمر بتاتاً، والباقون نظروا غليه نظراً ثانوياً، والتفتوا نحوه التفاتاً عرضياً، نعم تواطئوا على ذلك الحكم الجائر واتفقوا عليه حتى كاد أمر الخلاق يعفو ويصبح اسماً بلا مسمى وجسماً بلا روح على أننا نحن نجهر بأن اللوم في ذلك كله لا يجوز حمله على معلمي المدارس والقائمين بإصلاح المعارف فقط بل لابد من وضع قسم كبير منه على عاتق الآباء الأوصياء إذ أن التخلق بجميل الأخلاق لا يمكن إلا بالجود الآلهي أو المجاهدة والتدرب على أفعال أهل الكمال ومرافقتهم والنظر إلى أحوالهم، فإذا كان أقرباء الطالب أو عشراؤه ذووا فساد وشره، فماذا عسى ينفع نصح الناصح، وأي شيء يفيد تعليم المعلم لذلك نقول ما يجب على المعلمين يجب مثله على الأولياء والأقربين وما يؤاخذ به القسم الأول يؤاخذ به القسم الثاني ومن بينهما نخرج التلميذ نجيباً أديباً يطلب