قدمنا أن من تمام نعمة الله تعالى وكمال رحمته بهذا النوع الإنساني أن أرسل إليه رسلاً هادين مرشدين اصطفاهم من بين أفراده وميزهم بخصائص لا يشركهم فيها سواهم وأيدهم بالآيات والمعجزات تصديقاً لدعواهم وتحقيقاً لصدق نبوتهم لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وذكرنا معنى المعجزة والفرق بينها وبين ما يظهر من خوارق العادات على أيدي غيرهم وأثبتنا أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو أكثر الأنبياء معجزة وأبهرهم آية وأظهرهم برهاناً وأوضحهم محجة وتبياناً ثم سردنا شيئاً يسيراً من معجزاته إظهاراً لعظيم قدره وسمو مكانته وإيذاناً بما حباه الله تعالى من الآيات المثبتة لنبوته والمواهب الدالة على تحقيق رسالته وفي هذا المقام نريد أن نبين أن نبينا صلى الله عليه وسلم هو أفضل خلق الله تعالى وأن الأنبياء والملائكة عليهم السلام متفاوتون في الرتبة وكذلك الصحابة رضي الله عنهم فنقول:
أجمعت الأمة الإسلامية على أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق علي الإطلاق من أنبياء وملائكة وغيرهم. قال تعالى (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات) قال المفسرون يعني محمداً عليه الصلاة والسلام رفعه سبحانه من ثلاثة أوجه بالذات في المعراج وبالسيادة على جميع البشر وبالمعجزات فإنه عليه الصلاة والسلام أوتي من المعجزات مالم يؤته نبي قبله.
فال الزمخشري وفي هذا الإبهام من تفخيم فضله وإعلاء قدره مالا يخفى لما فيه من الشهادة على أنه العلم الذي لا يشتبه والمتميز الذي لا يلتبس وقد بينت هذه الآية وكذا قوله تعالى (ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض) إن مراتب الرسل والأنبياء عليهم السلام متفاوتة والتفضيل المراد لهم هان في الدنيا وكذلكة بثلاثة أحوال أن تكون آياته ومعجزاته أظهر وأشهر أن تكون أمته أزكى وأكثر أن يكون في ذاته أفضل وأطهر وفضله في ذاته راجع إلى ماخصه الله تعالى به من كرامته وتفضيله ببكلام أو خلة أو رؤية أو ماشاء الله من