سئلت عن معنى القاضي وعن المراد من تقسيم القضاة في الحديث الصحيح الذي رواه الحاكم في مستدركه عن بريدة رضي الله عنه وهو قوله عليه الصلاة والسلام (قاضيان في النار وقاض في الجنة قاض عرف الحق فقضى به فهو في الجنة وقاض عرف الحق فجار متمعداً أو قضى بغير علم فهما في النار) فأجبت بقولى القاضي هو من يعهد إليه بأن يحكم بين خصمين بحق من الحقوق ولو بتحكيمهما ولا فرق بين أن يكون المعهود إليه بالحكم واحداً أو جماعة كما هو المصطلح عليه في هذا العصر في ثائر المحاكم فكل واحد من علماء الجماعة المعهود إليهم في الحكم قاض ولا فرق بين كونه نائباً لمحكمة شرعية أو رئيساً لحقوقية أو حزائية أو عضواً في بعضها فلكل على السواء داخلون في أقسام قضاة الحديث الشريف.
والمراد من التقسيم بقوله على الصلاة والسلام قاضيان في النار وقاضٍ في الجنة، التقسيم من جهة اتصافهم بالعلم ومعرفة الأحكام الشرعية والجهل لذلك وحكمهم بأوجه الشرعي على علم به أو جهل وجورهم بالحكم عمداً أو خطأ كما هو صريح تتمة الحديث.
أما التقسيم باعتبار العدد فليس بمراد ومن توهم ذلك فجعل ثلثي قضاة في النار وثلثهم في الجنة من خير تفقه منه لتتمة الحديث فقد عرى من العلم وارتدى ردأ الجهل.
الحديث يتضمن ستة أقسام يحسب الاعتبار الذي ذكرناه قسمان من قضاة الخير وأربعة من قضاة السوء فقوله عليه الصلاة والسلام قاض عرف الحق فقضى به فهو في الجنة، شروع في بيان هذه الأقسام وهذا أحد أقسام قضاة الخير وقوله قاض عرف الحق فجار متعمداً هو أحد أقسام قضاة السوء ومن قوله متعمداً يخرج غير المتعمد وهو من يعرف الحق ويحكم به ولكن أخطأ في الحكم لا عن قصد وهذا ثاني قضاة الخير لأن المؤاخذة بالخطأ مرفوعة عن هذه الأمة، قال عليه الصلاة والسلام رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكر هو عليه وقوله عليه الصلاة والسلام أوقد بغير علم شامل لثلاثة أقسام من قضاة السوء لأنه صادق بما إذا جال في الحكم عمداً وهذا قسم أو جار خطأ وهذا قسم ثان أو صادف في حكمه الحق على غير علم وهذا قسم ثالث والله أعلم نعوذ بالله من النار ومن كل عمل يقرب إليها ونسئله الجنة والتوفيق لكل عمل يقرب إليها.