اعتاد هذا الصحفي أن يدور في أثناء كتاباته على مناهضة علماء الدين وتحقيرهم أمام الشعب فتارة يصفهم بالجمود وأخرى يندد بسلطتهم الدينية وآونة يزعم أنهم عقبة في سبيل الترقي والنجاح وغير ذلك من المزاعم الباطلة. وما نخال الحامل له على ذلك إلا ما يراه من بعض متطرفة الغربيين الذين يناوؤن سلطة أحبارهم ورهبانهم مع أن بيننا وبينهم بون كبير فإن أولئك يحسون بوطئة تلك السلطة ولا سلطة في الدين إلا العلم.
وها هو اليوم قد قام ينتصر للزنادقة لينال من علماء المسلمين فنشر في مقتبسه الشهري في الجزء العاشر في المجلد الخامس مقالة بقلمه ترجم فيها كتاب الدرر الكامنة في أعيان الماية الثامنة لحافظ عصره ونابغة دهره العلامة ابن حجر العسقلاني_ابتدء فيها بالكلام على ترتيب الكتاب وتراجمه ثم قال (ومن أعظم ما يلفت نظرك في هذا الكتاب روح التعصب التي كانت مستحوذة في ذاك العصر أيام كان يقتل كل من يخالف رأي الجمهور في فكر أو مذهب فنقرأ فيه صورة مكبرة من حال ذاك القرن الذي استولت فيه على هذه البلاد الجراكسة والتتار ممن أصبحوا ألعوبة في أيدي المتعصبة من رجال الدين) أه ثم استشهد على مدعاه بتراجم بعض من قتلوا في ذلك العصر مما هو واضح في الشهادة عليه لا له فنقل ترجمة إسماعيل بن سعيد الكردي وقال ما خلاصته: أنه رمي بالزندقة حتى صار يقال له إسماعيل الكافر أو إسماعيل الزنديق فحبس ثم أن بعض الصلحاء رأى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم وأمره أن يقول للقاضي اقتل اسمعيل (ثم قال) فاستدعي إلى مجلس القضاء فأقيمت عليه البينة الشرعية (تأمل) لدى القاضي تقي الدين الأخناي فقتل. ثم نقل ترجمة ناصر بن أبي الفضل بن إسماعيل المقري وخلاصتها أنه أقيمت البينة على زندقته عند القاضي شرف الدين المالكي فأعذر إليه فما أبدى عذراً فقتل، ثم نقل عن ابن كثير أن ناصراً هذا ضربت عنقه على كفره واستهتاره بآيات الله وشركه وحبته الزنادقة وحضر قتله العلماء والأكابر وأرباب الدولة وكان يوماً مشهوداً أعز الله فيه الإسلام وأذل فيه الزنادقة وأهل البدع وكان ابن تيمية حاضؤراً فأنبه وقرعه على ما كان يصدر منه.
ثم ذكر ترجمة علي بن حسن الرافضي وحاصلها أن علياً هذا حمل إلى القاضي تقي الدين السبكي فاعترف بسب أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فكرروا عليه التوبة ثلاثة ايام فأصر فضربت عنقه أه. ثم قال صاحب المقتبس بعد أن سرد هذه التراجم (ومن أنعم النظر