في تراجم من قتلوا يتضح له أنهم كانوا على جانب عظيم من العقل والعلم وأن أكثر ما وري عنهم منقول عليهم ليجدوا السبيل إلى إقناع العامة والحكام لإزهاق أرواحهم).
هذا ما أورده صاحب المقتبس دليلاً على قيام التعصب في ذاك العصر أوردناه ليعلم الناس مبلغه من العلم ومكانته من الفهم وتشبثه بالحط من قدر علماء الدين والانتصار للزنادقة والملحدين مع أنه لا ذنب للعلماء والقضاة كما يرى القارئ إلا محافظتهم على دين الله وإقامة حدوده لكبح جماح أهل البدع والضلالة فما أكثر بلاء هؤلاء الكتاب البسطاء على الأمة والدين وما أشد تغريرهم بالعامة المساكين ذا كان جميع الأمم متفقين على وضع عقوبات شديدة من السجن والنفي والقتل للمحافظة على القانون الذي وضعوه والحد الذي رسموه ويرون أن ذلك ضروري لحصول الانتظام وقمع الفتن فكيف يتجرأ صحاب المقتبس على الله بأن يسمي المحافظة على دينه تعصباً وهو القانون السماوي الذي أنزله الله رحمة للعالمين به تحفظ الحقوق وتدرأ المفاسد وهو مناط السعادتين من اعتصم به نجا ومن انحرف عنه ضل وغوى.
ربما يقال أن في من عوقبوا على الاستهتار بالدين من قد يكون براء مما وصموا به كما يديعه صاحب المقتبس فنقول أن ذلك الاحمال يمكن أن يقال في أكثر المحاكمات ولو كان مجرد احتمال البراءة يدرء عن الجاني العقوبة لتعطلت الحدود وسادت الفوضى ولترك الجاني وجنايته والسارق وسرقته والقاتل وفعلته والملحد وضلالته والمفتري وفريته.
فلا يحاكمون ولا يعاقبون لاحتمال ان يكونوا براء إن هذا لعمر الحق لا يقول به م عنده مسكة من عقل ولو نتفة من إدراك.
هل يعد من التعصب قتل من ثبتت عليه الزندقة وطلب منه أن يعتذر فلم يفعل بل ظل معانداً؟.
هل يعد من التعصب قتل من يصرح بسب أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وتعرض عليه التوبة لثلاثة أيام فلا يقبل وهما أفضل م طلعت عليه الشمس بعد النبيين.
هل يعد من التعصب قتل من ثبت عليه بالبينة الشرعية أنه خرج عن الدين والصراط المستقيم.
إن هذا لعجيب وأعجب منه هذه الجملة الأخيرة التي لم تر في كلام صاحب المقتبس