بعث إلينا أحد كبار العلماء في مصر يقول عن حجاب المرأة ما خلاصته أن الكلام في مسألة الحجاب في بلادنا بالحق وبالباطل ضار غير نافع وضد أضر في مصر على ما فيها من الحرية والتفرنج والهتك ومن كتب فيها لا يعرف مقدار ضررها ولكنه ينحدر في التيار.
قلما يوجد أحد من الشبان لا يتأثر بما يقرأه من الترغيب في تغيير عاداتنا وتقاليدنا القومية بما هو مستحسن في المدنية الغربية وقلما يوجد منهم من يفكر في خطر هذا التغيير ولو كان استبدال الذي هو ادنى بالذي هو خير فكيف يغيره وإن أنفع أخلاق الإنكليز لهم وأفعلها في سيادتهم الواسعة هو شدة محافظتهم على عاداتهم وتقليدهم وعدم التحول عنها ولو إلى أحسن منها غلا ببطء وزمن طويل يأمنون فيه من ضرر التحول والانقلاب وبهذا كانت حكومتهم أرسخ حكومات أوروبا في الديمقراطية والشورى على ما فيها من المحافظة على السروات والإشراف الذي هو ذد الديمقراطية وأضر التحول والتغيير ما كان سببه الباطن تقليد الأمة لأمة أقوى منها ولا سيما إذا كانت خصماً لها في السياسة والاجتماع كحالنا مع أوروبا الآن.
نهى الأستاذ الإمام قاسم أن يبحث في كتابه تحرير المرأة عن مسألة الحجاب فلم يقبل وأرضى الأستاذ في الجملة بتقييده بنصوص الشرع ولكن المقيدين بنصوص الشرع من المصريين لا يحفلون بكلام مثل قاسم وإن كان حسناً والمفتون بمثله هم المتفرنجون وقد زادهم جرأة على هتك الحجاب حتى أن بعض وجهاء المصريين صاروا يسافرون بنسائهم إلى أوروبا بزي الإفرنجيات ويجلس معهم منفردات على الموائد العامة يأكلن ويشربن الخمر ولم يكن لقول قاسم بالوقوف عند حدود الشرع ولو على بعض الأقوال تأثير في نفوس هذا الصنف ويتحدث كثير من الشبان المتفرنجين بأنهم لا يتزوجون إلا بشرط أن يخرج نساؤهم سافرات ويحضرن المجامع العامة وأن يفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير.