جاء في رسالة الأستاذ الشيخ أحمد أفندي المحمصاني التي نشرها على صفحات الحقيقة بمناسبة المولد النبوي الشريف ما نصه:
إن من أهم الأعمال التي ظهرت على يد المدنية الأوروبية تحرير الأرقاء وإلغاء الرق وإنما تم لها هذا بفضل الإسلام ومساعدته على ذلك بل الإسلام هو الذي فتح الباب للأمم الأوروبية فتحررت الأرقاء وفكت رقابهم بالعتق والتدبير والكتابة وناهيك بالحديث الشريف المصرح بذلك وقد أورده الإمام الحافظ ابن حجر في منبهاته السبعيات فيما رواه عن سيدنا جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه يجعله وارثاً وما زال يوصني بالنساء حتى ظننت أنهُ سيحرم طلاقهن وما زال يوصيني بالمملوكين حتى ظننت أنه يجعل لهم وقناً يعتقون فيه) فانظر أيها العاقل كيف تحقق ما ظنه الرسول صلى الله عليه وسلم واتفقت الدول على تحرير الأرقاء الخ.
ولما كان الاستدلال بهذا الحديث على إلغاء الأوروبيين للرق واقعاً في غير محله وبعيداً عن مهيع الصواب أتيت بهذه السطور مبيناً بطلان هذا الاستدلال وموضحاً السبب الحقيقي الذي حمل الأوروبيين على إلغاء الرق وتحريره.
استدل الأستاذ على إلغاء الرق بالجملة الثالثة من الحديث الشريف مع أنه ليس في منطوق هذه الجملة ولا في مفهومها ما يدل على ذلك ولو كان المقصود بها إلغاء الرق كما ظن للزمه أيضاً أن يقول بتوريث الجار من جاره وتحريم طلاق النساء أيضاً لأن هاتين المسألتين من جملة ما أوصى به جبريل كما رأيت في الحديث وهذا لم يقل به أحد من أئمة المسلمين لا سلفاً ولا خلفاً وإذا قلنا بعدم هذا اللزوم لزم الترجيح بلا مرجح وهذا باطل والذي يتبادر أن المراد بالوقت في الحديث إنما هو وقت معين كأن تكون مدة الاسترقاق عشر سنين مثلاً فإذا انقضت يكون محرراً كالمكاتب إذا دفع آخر نجم عليه فإنه بذلك يتم له التحرير ولو كان مقصود الشارع صلى الله عليه وسلم إلغاء الرق في زمن من الأزمان لنبه عليه وصرح به ولايترك ذلك مبهماً غامضاً فقد أتانا بها بيضاء نقية وأكمل لنا الدين