شاع أن بعض المسلمين يرغبون في تعطيل الأشغال في يوم من الأسبوع طلباً للراحة. واختاروا يوم الجمعة ليتفرغوا للطاعة ويبادورا إلى أداء الصلاة مستدلين بقوله تعالى:(يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع).
كما أن كثيراُ منهم يعتقدون أن ذلك بدعة منكرة ولا خير فيها لما يترتب عليها من زيادة انتشار الفساد. ولأن فيها تشبهاً بأهل الكتاب وقد أمرنا بمخالفتهم. ويقولون أن الآية المذكورة تدل على وجوب المبادرة إلى الصلاة وقت النداء فقط.
فأحببنا أن نبين الحق والصواب في ذلك. قياماً بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فنقول:
أما التشاغل بالبيع أو غيره يوم المجمعة بعد النداء للصلاة أي الآذان فهو حرام. وقد ورد الوعيد الشديد في ذلك.
وأما الإجبار من آحاد الناس على تعطيل الأشغال فنه لا يجوز باتفاق المسلمين لا في يوم الجمعة ولا غيره. سواء حصل الإجبار بالإكراه أو الحياء أو الإلزام بصرف مال في إعانة خيرية أو نحوه. وسواء صار تحصيل المال الذي ألزم المغرم به خوفاً من الإهانة أو بطريق الحياء أو بغير ذلك من الوجوه المحرمة. لأن هذا تسلط على الناس بغير وجه شرعي وهو حرام قطعاً.
وأما التفرغ يوم الجمعة للطاعة والمبادرة إلى المساجد من أول النهار فهو أمر حسن مندوب إليه كما نص على ذلك العلامة ابن حجر في الفتاوى الكبرى وكتب الفقه طافحة فيه وقد جاء كثير من الأحاديث المرغبة في ذلك.
وأما الاستراحة فلا بأس بها لمن أحب وقد سن لنا نبينا صلى الله عليه وسلم القيلولة كل يوم وقت الظهر لنرتاح ونقوم للعبادة بنشاط ولكن الذي ليس له رغبة في الاستراحة لا يجوز إجباره عليها. لا وقت القيلولة ولا في يوم من الأيام. لأن دين الإسلام جاء بالتيسير والتسهيل حتى أنه أباح الاشتغال في أيام العيد لمن أراد فلا سبيل إلى منع الناس من الأشغال لا في يوم الجمعة ولا غيره. ومن أحب أن يستريح في يوم أو يومين أو أكثر فلا حرج عليه.
فإن قال قائل إذا تركت الأشغال وحدي في يوم الجمعة أو غيره يظن الناس أن ذلك لخلل