قلنا ربما يتوهم بعض الناس ذلك ولكن في مرة أو مرتين فقط ثم يعلمون أن من عادتك ترك الأشغال في يوم الجمعة مثلاً أو غيره من الأيام فترتفع الشبهة ويزول هذا التوهم.
فإن قال إن نفسي لا تسنح أن أترك تجارتي إلا أذ ترك أمثالي تجارتهم أيضاً.
قلنا إن كنت أنت لا ترضى بذلك فإنه يوجد أناس لا يرضون بترك أشغالعم إما لضرورة أو غيرها. فكيف يسوغ منعهم من شيء أحله الله لهم.
وأيضاً الاتفاق على التعطيل في يوم الأسبوع يكو سبباً لزيادة انتشار الفساد وفيه تشبه بأهل الكتاب. وقد أمرنا بمخالفتهم فإن قال أن من أراد الفساد لا يكون الشغل مانعاً له منه. والراغبين في تعطيل يوم لا يقصدون التشبه بأهل الكتاب.
قلنا أن التعطيل يكون سبباً لسهولة الفساد لمن أراده ولمزيد انتشاره بين الناس والاتفاق على تعطيل يوم في الأسبوع فيه تشبه بأهل الكتاب ولو كان غير مقصود.
وأما قوله تعالى:(يا آيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع) فإنه يقتضي تحريم التشاغل والتأخر بعد النداء للصلاة أي الآذان لها. ولا يتعدى هذا إلى ما قبل النداء. بل الاشتغال بالتجارة ونحوها قبل النداء باقٍ على أصله وهو الإباحة وكذلك بعد أداء الصلاة كما قال تعالى:(فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله) أي إذا أديتم الصلاة فإنها يباح لكم أن تشتغلوا بالتجارة كما قاله كثير من المفسرين كالشهاب الخفاجي والعلامة الفخر الرازي والمحققين النسفي والخازن وغيرهم. ونقله أيضاً العيني في شرحه على البخاري بل استقرب العلامة المحقق الشهاب الخفاجي في حاشيته على البيضاوي أن الاشتغال يوم الجمعة مندوب إليه لما فيه من عدم التشبه بأهل الكتاب في تعطيل يومي السبت والأحد وهذا اليوم لنا بمنزلتهما. بل قال أن العلامة السرخسي نقل أنه واجب وذهب جمع من المفسرين إلى أن الابتغاء من فضل الله يكون بالتجارة أو صلة الرحام أو طلب العلم أو نحوه. وذهب قوم إلى غير ذلك وعلى كل حال فالأصح أن الاشتغال بالتجارة في يوم الجمعة قبل الآذان وبعد أداء الصلاة إن لم يكن مندوباً فهو مباح.
وأما اتفاق بعض المسلمين على تعطيل يوم في الأسبوع فهو بدعة منكرة لما يترتب عليه