ما الفخر إلا لأهل العلم أنهم ... على الهدى لمن استهدى أدلاء
وقد كل أمرئ ما كان يحسنه ... والجاهلون لأهل العلم أعداء
ففز بعلم تعش حياً به أبداً ... فالناس موتى وأهل العلم أحياءُ
العلماء حياة الشعب وظل الله في الأرض وركن الدولة. وفريق الهدى، وأعضاد الملة، وحضنة الإسلام. قال الله تعالى (أنما يخشى الله من عباده العلماء).
حكمة بالغة تعجز أفاضل الكتاب عن أن يلموا باطرافها أو يصوروا بعض معانيها أولو دأبو السنين العديدة. وكتبوا المجلدات الضخمة. تنزيل من رب العالمين.
تصور أيها القارئ ما أفادته هذه الآية من تعظيم أمر العلماء وتبين مقامهم المحمود. حصرت خشية الله بهم ومعنى الخشية الرهبة من الله والخوف من عقابه.
صفة جليلة إذا تخلق بها الإنسان ائتمر بأوامر الله. وانتهى عن مناهبه. وهناك الخير العظيم. والنفع العميم. ثم أرجع البصر إلى ما الزم الله به عباده. وما فرض عليهم التباعد عنه تجده غاية في الرقيّ. ونهاية في المدنية. وقانوناً كافلاً لسائر أسباب النجاح.
لنأت بهذا الرجل الذي خصه الله بخشيته وآتاه الحكمة. وعلمه مما يشاء. ثم لنجله في هذا المجتمع الإنساني مجده هو (والله) حامل تلك الصفات التي يتلمسها علماء العمران. طهارة وجدان. وبراءة ذمة. وأناة وحلم. وأنصاف وعدل. ورفق وإحسان وتباعد من الظلم. واستنكاف من الباطل. ونبذ للرشا. ومحافظة على الحقوق قدر الجهد ونهاية الاستطاعة إلى غير ذلك مما نتصوره من الصفات العالية والأخلاق الفاضلة الكبيرة. وهي كلها على التحقيق فرع لخشية الله والإئتمار بأوامره. اللهم علمنا مدارك التأويل.
كان الصدر الأول أيام كان الإسلام يشرف من أعلى قمم المجد ويخضع لسلطانه كل جبار عنيد. ظرفاً لإعزار العلماء ونفوذهم حتى أن الخلفاء كانوا يغشونهم في دورهم لسماع الوعظ وافرشاد كما وقع للرشيد مع ابن عبينة. وكان حكمهم فوق كل حكم. وكلمتهم تعلو كل كلمة. تدنو لهم رقاب الملوك. وتعنو لهم الخاصة والعامة وشواهد هذا في التاريخ كثيرة فقد حكى المؤرخون أن بني أمية لم يكونوا ليقطعوا أمراً إلا برأي علماء المدينة وذكر