كأن الكتاب يعنون به العلم بطرق تكثير المال وتوفيره، وتعظيم الثروة وتقويتها، وقد أفرد بعض الغربيين البحث عن هذه الطرق بالتأليف وبعض متفنني الأتراك كتب منها أيضاً عنوانها (بعلم الثروة) ويمكن أنه اقتطفها من كتب الغربيين، وقد اصطلحوا على قراءتها في المكاتب العالية لكننا لم نر نتيجة لهذا العلم عند من تخرجوا في تلك المكاتب، بل ربما رأينا ضده أعني العلم بسرف الأموال ومحقها، وهدم الثروات وسحقها.
نرمق أكثر من يأتي من ناشئتنا المتخرجين في تلك المكاتب كلاً على الدولة، كلاً على ثروة والديه حتى يذهب بها، عليهما ولو كأننا فقيرين من فهم هذا العلم وبحث في الطرق التي تكون سبباً لتكثير المال وتوفيره، وتقوية الثروة لابد وأن يبحث في كيفية إتقان الصنائع والحرف وتنظيم أمور التجارة وتوسيع نطاقها وتسهيل عمل الزراعة وتعزيز استغلالها ومن أين يطرأ عليها الفساد والانحطاط.
إلى الآن لم نعثر على مؤلفات عربية تبحث في هذا الموضوع تمام البحث ولا سمعنا بعالم غيور تظاهر بنشر هذا الفن النافع، وجال بمسائلة علماً وعملاً حتى ولا من ناشئتنا المدعين تنور الأفكار الذين تخرجوا في المدارس الأجنبية ودرسوا هذا العلم هناك ولا من أهل الصحف الذين تعهدوا بنشر بذلك وسموا صحفهم اقتصادية وقد جالوا في الغرب وأطلعوا على المدارس الزراعية والصناعية هناك ونظروا في أحوال التجارة وأسباب ترقيها بل ما رأينا فرعاً من فروع الصناعة والزراعة والتجارة بلغ من الإتقان أشده في بلادنا السورية ولعله في باقي البلاد العثمانية كذلك إلا ما كان من أعتناء الحكومة السنية بعلم الطب على اعتبار كونه من الصنائع وهنا مجال لأن تقترح على من عثر على تأليف مفيد بهذا الفن، وكان بغير اللغة العربية أن يعربه إليها لتعم الفائدة، وكذا على من عنده دراية حقيقية به ويمكنه التعليم والتطبيق أن يجاهر بذلك ليستفيد منه الوطن فائدة تذكر، وكذا على أصحاب المدارس الأهلية أن يدخلوا هذا الفن في برنامج دروسهم ويهتموا لتعليمه أسوة بالمدارس الراقية ولأنه على التحقيق عبارة عن درس أخلاقي عظيم الفائدة وبودنا لو تتألف جمعية ممن استنارت أفكارهم ويسعون بعقد شركات عمومية يكون