لهان علي ما ألقى ولكن ... (تعالوا فانظروا بمن ابتلاني)
خلق الله الخير وقيض له أهلاً وأنصاراً وقدر الشر وجعل له فئة وأعواناً فطوبى لمن كان من عوامل الخير وأنصاره وويل لمن كان من أهل الشر وأعوانه. منيت هذه الأمة الإسلامية بما منيت به من الضعف لما انحطت فيها رتبة الوازع الديني وقل فيها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
أهمل أهل الدين والعلم هذه الفريضة فقام زعماء الباطل وأعداء الدين دعاة الفساد ينشرون بين ذويهم ومعارفهم وعلى صفحات الصحف ما يتبرأ منه العقل وتنبذه الأخلاق الفاضلة ويصادم ضروريات الدين ظناً منهم بأن سلطة الدين انتهى أمدها بسكوت رجاله عن الذود عن حياضه.
غرهم هذا السكوت وزمناً فكانوا يسرحون ويمرحون فرحين بما خولهم الدستور من حرية القول معلقين الآمال الطويلة على خفوت صوت العلم وأهله وخلو الجو لهم إلى أن قيض الله تعالى أصحاب مجلة الحقائق الذين يعلم الله وملائكته والناس أجمعين أنهم أنشؤوها لمحض خدمة العلم والدين.
هال هؤلاء السفلة المتفرنجين ظهور الحقائق بهذا المظهر الديني بعدما وهموا بأن السيطرة تمت لهم ولم يرق في أعينهم قيامها في وجه البدع ومحاربتها للمنكرات فطفقوا يناصبونها العداء ظناً منهم أنهم يقطعون عليها سيرها وجهلاً بقوله صلى الله عليه وسلم (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرة على الحق لا يضرها من خالفها حتى يأتي أمر الله).
أما والحق إن الحقائق ستقطع ألسنتهم وترد كيدهم إلى نحورهم وتوقفهم عند الحد الذي ينبغي أن يقفوا عنده وهم مهما جدوا في سبيل التفرنج ودعوة الناس إليه فليسوا بقادرين أن يحللوا المنكر من الدين بالضرورة فقد تكفل الله بحفظ شرعه وهو يقبض له في كل زمن من يغار عليه ويذب عنه.
لم يكتف أولئك الجهلة الأغبياء بتعمدهم إيذاء أهل الدين فهم لا يحمدون من الحكام لا من كان موالياً لهم وعلى شاكلتهم وأما الحاكم الذي يعرف مكنونات ضمائرهم وما يبطنون من بغض الدين، وأهله والصلاح ورجاله، فيقصيهم ويبعدهم ويحلهم حيث يستوجب أقدارهم