[شهيد الطوى وقتيل الكظة]
رحمة بالإنسانية
ما بال عينك لا تذوق رقادا ... ولمن عيون ما عرفن سهادا
نام الخلي وبات همك ساهراً ... قلقاً يذود النوم عنك ذيادا
أذكى ضلوعاً واستشف حشاشة ... وأسال عينا واستطار فؤادا
تمسي فتفترش الأذى لك مضجعا ... وتنص سارية الهموم وسادا
جالدت نازلة النهار مهولة ... وحملت داهية الظلام نآدا
عبأت لك الأيام بأس مناجز ... يردي الكماة ويصرع الأنجادا
عرمت عليك فروعتك خطوبها ... زحفاً وهدت جانبيك جلادا
ويح النفوس المستهان بوجدها ... أيخالها القوم الجمود جمادا
ينأى بها الجد العثور وتدني ... فتزيد عنهم الدنو بعادا
ضاقت بها سبل الحياة فما ترى ... للعيش منتجعاً ولا مرتادا
تبكي وما علم الغني ولو رأى ... عبرات عينك لا نثني يتهادى
ألوى الأسى بمعين دمعك فاستعر ... دمعاً يكون لمقلتيك عتادا
هيهات نلفى من يعيرك ذخر ... للنائبات إذا طرقن شدادا
قد كان لي دمع يعين على الأسى ... فاغتاله طول البكا أو كادا
أفنيته في الصالحات فكان لي ... كدم الذي أفنى الحياة جهادا
يبكي الحزين فيستهل ويشتكي ... فيغيثه متدفقاً جوادا
لو كان قلبي في جوانح أوطف ... أربى جواه إذن عليه وزادا
ولو أن أحزاني عصفن بشامخ ... لانهار من رجفاتهن ومادا
تشكو الطوى وتبيت ليلك طاوياً ... غرثان تطلب عند جارك زادا
ربيت مثلك شاكياًَ من كظة ... ما يستلين لها الحرير مهادا
قلقت مضاجعه فبات كأنما ... يلقى بهن أسنة وصعادا
ودنا الطبيب فجس من نبضاته ... وأجال فيه لحاظه وأعادا
فلوت يديه يد المنية وانثنى ... يلقى النعاة ولا يرى العوادا