اللهم أرنا الحق حقاً وأرزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وأرزقنا اجتنابه منذ أيام علمنا أن العالم الفاضل الشيخ جمال أفندي القاسمي نشر في عدد (٥٠٠) من المقتبس مقالة تحت عنوان (بشرى علمية) أبان فيها صحة العمل بالتلغراف وجواز الاعتماد عليه وقوى فكرة ذلك بنقله عن فئة من أهل العلم أقاويل قال أنها تقتضي جواز العمل به ولما كانت هذه المسئلة من المسائل ذوات البال أجبنا أن نبين اعتقادنا فيها مستندين في ذلك لما عليه الجمهور من سلف الأمة وخلفها رجاء أن يتمحص الحق وينكشف عن وجه الحقيقة النقاب وقبل القول في ذلك نقدم بين يدي مقالنا جملة نبين فيها فضل الشهادة ومقدارها من الدين ليعلم القراء أي بحث يبحثون، وفي أي حديث يخوضون، قال الله تعالى (ي أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين أن يكن غنياً أو فقير فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وأن تلوا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعلمون خبيراً).
وقال (وأقيموا الشهادة لله) وقال (ومن يكتمها فإنه آثم قلبه) وقال عليه الصلاة والسلام فيما أخرجه أبو داود وابن ماجه من حديث خريم ابن فاتك قال صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح فلما انصرف قام قائماً فقال (عدلت شهادة الزور بالإشراك بالله ثلاث مرات) ثم قرأ (فاجتنبوا الرجس من الوثان واجتنبوا قول الزور) فعلم بهذا أن الشهادة من الأمور العظيمة في الإسلام ولها في الدين المرتبة الأولى ويكفي أم أكثر أحكامه يتوقف عليها فلو أردنا عدم العناية بها وبعبارة ثانية حل عقدتها لكنا بذلك هادمين لأكثر أحكام الدين ومعطلين قسماً كبيراً من مسائله وبهذا يظهر لك سبب عناية العلماء رضي الله عنهم بها وإليك شيئاً من كلامهم المؤيد بكلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وبه تعلم فساد الاعتماد على التلغراف (قالوا) شرط الشاهد أن يكون مسلماً بالغاً عاقلاً ناطقاً عدلاً عالماً بما يشهد به لا يجر بتلك الشهادة منفعة إلى نفسه ولا يدفع مضرة عنها ولا يكون معروفاً بكثرة الغلط ولا بترك المروءة ولا يكون بينه وبين من يشهد عليه عداوة والأصل في هذا قول الله تعالى (واستشهدوا شهدين من رجالكم) قال ابن جرير يعني بذلك جل ثناؤه واستشهدوا على