في مثل هذا الشهر المبارك ولد حضرة النبي الأكرم سيدنا (محمد) صلى الله عليه وسلم أفضل المخلوقات أجمعين إفراداً وإجمالاً بمعنى ألأنه أفضل من كل فرد منهم على حدته، وأفضل من مجموعهم لو اجتمعوا بحيث لو اجتمعت جميع فضائلهم في كفة ميزان وفضائله صلى الله عليه وسلم في الكفة الأخرى لرجحت فضائله على فضائلهم. فهو صلى الله عليه وسلم بالإجمال على قدر من أرسله وفي قوله تعالى (وما قدروا الله حق قدره) إشارة كافية لمن تأمل ذلك وعقله. أخرج مسلم في صحيحه من حديث واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال قال صلى الله عليه وسلم أن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريش من كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم. وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله اختار خلقه فاختار منهم بني آدم ثم اختار بني آدم فاختار منهم العرب ثم اختارني من العرب فلم أزل خياراً من خيار إلا من أحب العرب فبحبي أحبهم ومن أبغض العرب فببغضي أبغضهم. ولما كان عليه الصلاة والسلام هو الروح لهذا الوجود والسبب في كل موجود كان من أهم الواجبات علينا معشر المسلمين تعظيم أمر مولده الشريف، ومقابلته بالترحاب والتعظيم، والإجلال والتفخيم. وإن نظهر فيه المسرات، ونكثر فيه من فعل الخيرات، ونتوب من سائر المنكرات، ولم يزل المسلمون فيما مضى من الزمان ولن يزالوا إن شاء الله في كل عصر إلى انتهاء الدوران يحتفلون بمولده صلى الله عليه وسلم ويعملون الولائم ويتصدقون بأنواع الصدقات ويزيدون في المبرات ليبدل عسرهم باليسر وحزنهم بالفرح والبسر ويمن عليه الكريم من فيضه العظيم بالعتق من النار ببركة رسوله العظم صلى الله عليه وسلم فقد روي أن ثويبة عتيقة أبي لهب لما بشرته بولادته أعتقها وقد رؤي أبو لهب بعد موته في المنام فقيل له ما حالك فقال في النار إلا أنه خفف عني في كل ليلة اثنين وأمص من بين أصبعي هاتي ماء وأشار برأس إصبعيه وإن ذلك بإعتاقي لثويبة عندما بشرتني بولادة النبي صلى الله عليه وسلم وبإرضاعها له.
قال ابن الجزري فإذا كان هذا أبو لهب الكافر الذي نزل في القرآن ذمه جوزي بفرحه ليلة مولده صلى الله عليه وسلم فما حال المسلم الموحد من أمته يسر بمولده ويبذل ما تصل إليه قدرته في محبته لعمري إنما يكون جزاؤه من الله الكريم أن يدخله بفضله العميم جنات