قد شهدت رواية زهير الأندلسي التي قام بتمثيلها لفيف من غلمان المدرسة العثمانية الدمشقية فدهشت لبراعة أولئك الطلبة المرد الممثلين الذين حازوا قصب السبق في مضمار التمثيل وقد افتتح الرواية أحد أساتذة المدرسة المذكورة عارف الشهابي بخطاب أطال فيه بمدح التمثيل وبلغ به الغلو حتى قال أنه قد ورد في القرآن العظيم والحديث الشريف الحث عليه واستشهد لذلك بقوله تعالى (فاعتبروا يا أولي الأبصار) وقوله عليه الصلاة والسلام (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) وفسر الاعتبار في الآية من عنده) بالتمثيل وزعم أنه من تتميم مكارم الأخلاق.
ثم ارتفع الستار الأول عن سائر الغلمان الممثلين حاسري الرؤوس مسرحي الشعور فأنشدوا أدوار منها.
إنما التمثيل فرض جاء في القرآن
وقد اشتملت الرواية الأدبية (بزعمهم) على تخنث وتلوو انحناء قارب الركوع وتزي بزي إفرنجة الإسبانيين بلبس القبعة (البرنيطة) إلى غير ذلك من الأفعال التي يأباها الدين والمرؤة لذلك استعظمت هذا التهجم من الشهابي على القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف وأنكرت ذلك في نفسي ثم توقفت عن الإنكار لأنه كان من الحاضرين المستمعين طائفة من العلماء الأعلام الذي نقتدي بهم الخواص والعوام ولم ينكر أحد منهم ذلك الأمر على الشهابي فخطأت وقتئذٍ نفسي وقلت لو كان الأمر كما خطر لي لقام أحد هؤلاء العلماء الأفاضل ورد على القائل وبين الحقيقة للعوام المساكين الذين كانوا يصفقون لكل ما يسمعون ولا يعلمون.
ثم أني حضرت صلاة الجمعة في الجامع الأموي فقام على منبره خطيبه المشهود له بالفضل، المشهور بالتقى والصلاح الشيخ حسن أفندي الأسطواني فتلا خطبة طويلة وعرض بتمثيل تلك الرواية فيها وقبحها ولام من قاموا بتمثيلها، وحذر الإسلام من قبول تلك الخرافات، ونصحهم بتنزيه أولادهم عن أمثال هذه الخزعبلات، وخطأ من قال أن التمثيل ورد الحث عليه في القرآن والحديث وأنه فرض الخ فلما سمعت من الخطيب