يا رواة الشعر وناظميه وأئمة النثر وعالميه ونقدة الكلام نقد الصيرف للدرهم والدينار ومآل الأنام في محاسن الخطب وأحاسن الأشعار.
لديكم يا شموس الأرض شمنا ... يد الآداب قد ألقت عصاها
فإن لتصور الآداب أرضاً ... فأنتم قد حللتم في رباها
وما الأشعار إلا ما رويتم ... فأخبار القريض بكم تباهى
وما ترووه من خطب ونثر ... يشق على الأنام بأن يضاهى
لازالت سماء أنديتكم زاهرة بكواكب العلوم ولا برج طير المسرة والألفة في رياض محافلكم يحوم. إني منذ أعوام غالها غول الانصرام انتظمت في سلك جماعة من آل البراعة واليراعة يتفاوضون في الأدب وفضله ويسعون في نظم ما انتثر من شمله فتعلقت بأهداب فكري أتأمل ألفاظه وفتكت بسويداء قلبي سيوف ألحاظه وأخذت بمجامع لبي جواهر فوائده وسحرت نهاي إذ حسرت اللثام وجوه خرائده فآليت إني لا أزال مردداً تلاوة ذكره دائباً سائر أوقاتي على الاهتمام بنظمه ونثره فوقع مني في النثر الاختيار وأكبر ظني أنه المختار على مقامات من فاز بالقدح المعلى من أسهم البلاغة وحاز المقام لا على من صياغة الإبداع وإبداع الصياغة وهو محمد أبو القاسم بن علي الحريري البصري الذي أعجز الأنام ولو كانت في ضوء مشكاته تسري.
فكنت من النظر إليها بين الكوثر والجنان أو محاورة الأدباء ومغازلة الغزلان ثم طفقت أجيل الفكر في ميدان دواوين الشعراء وأستجيد محاسن أشعار الفصحاء فأجابني لسان حال أهل العلم والمعارف وأومأت إلي لواحظ من إليهم تسب اللطائف أن الدواوين ثلاثة من غير شك مريب ديوان أبي الطيب والبحتري وحبيب فعول رأيي منها على ديوان أبي الطيب أحمد فكنت كما ازددت تأملاً فيه الشكر بلاغة ناظمه وأحمد فلازمته لزوم عاشق أباحه الوصل لائمه وعكفت عليه عكوف شحيح ضاع في الترب خاتمه إلى أن جذب بيد التأنيب أطراف توجهي غليه أحد الأفاضل ولفت هوادى عزمي عن أن تطارد في مضمار