تحت هذا العنوان قرأنا في المقتبس عدد ٥٩٣ و٥٩٤ مقالة للكاتب المغربي ذكر فيها ما محصله أن الحجاب على الطريقة المألوفة اليوم ليس مما أشار إليه الإسلام بل هو من جملة ما طرأ على المسلمين بما أحاط بهم من المؤثرات والعادات وتقاليد الأسر وتقريرات الشيوخ وآراء علماء المذاهب ونحو ذلك_وأن الغرض من الحجاب حفظ كرامة النساء وذلك يحصل بترك التبرج وعدم الخلوة بالأجنبي والسفر مع محرم، وأن ما ألزم به المسلمون نساءهم من تلفع المرأة بإزار يسترها من فرقها إلى قدمها ومنعها الخروج من دارها إلا لضرورة وعدم محادثتها الرجل الأجنبي وتركها المساجد في الجمع والجماعات وكونها لا تزاول بعض أعمال الرجال (أي لا تسعى مع الرجل في طلب الرزق) ليس مما شرعه الإسلام.
ثم نقول قولاً يعارض بها مثبتي الحجاب ليس لها نصيب من الصحة ولا طريق من الاعتماد إذ أكثرها غير معروف المصدر وربما كانت جميعها من كتب الأقاصيص والسمر على أن جلها يشهد عليه لا له كما يتضح للمتأمل.
اعتمد الكاتب أثناء مقالته الوجهة الاجتماعية وقال أن الإسلام لا يصادم نواميس الاجتماع وهو بطبيعته السمحة لا يمكنه أن يقول لهؤلاء الأقوام افعلوا غير ما يقتضيه عمرانكم وطبيعة اجتماعكم_وهكذا هرف بما يرضاه الهوى، وتحبه النفس، عدا عما منه في كلامه من الفروض الممتنعة الباطلة والمغامز الصريحة بإيذاء أهل الدين وحملة العلم مما سنبينه بعد_كل هذا كتبه الكاتب المغربي ولم يراع إلا ولا ذمة، ولا عهد ولا وفاء، وهكذا شأن بعض كتبة اليوم_كان سلفنا يكتبون وخشية الله ملء قلوبهم وهو السؤال نصب أعينهم، يروجون يواب الله ويخافون عقابه، فخلف من بعدهم خلف نسوا السؤال والحساب، وذهولا عن أهوال العقاب، يكتبون للشهرة، ويسيرون وراء الغاية، أضرت بالدين أم لم تضر، ناقضت ما بني عليه من الآداب أم لم تناقض.
الكاتب المغربي معروف الرأي عند قومه وكل مطلع على كتاباته، وليست هذه المسألة_حجاب المرأة_بأول مسائله، على أنه هو ليس بأول قارع لها طرقها قبله فئة من المتطرفين وأكثرهم يجد في هتك ستر هذه المرأة المسلمة ويسعى في أن تكون كالمرأة الغربية من كل وجه.