[في طرابلس]
هو النصر معقودُ برايتنا الحمرا ... على أنه في الحرب آيتنا الكبرى
حليفان من نصر مبين وراية ... به وبها تعلو على غيرنا قدرا
لئن أدبر التليان عند كفاحنا ... فخذ لهم من سيف سطوتنا عذرا
فإنا لقوم إن نهضنا لحادث ... من الدهر أفزعنا بنهضتنا الدهرا
ندك هضاب الأرض حتى نثيرها ... غباراً على أعدائنا ينثر الذعرا
ونأكل هول الموت حتى كأننا ... نلوك به ما بين أضراسنا تمرا
فسل جيش (قاناوا) بنا كيف قومت ... شفار مواضينا خدودهم الصعرا
وكيف دحرنا فلولواً كأننا ... وإياهم أسد الشرى تطرد الحمرا
وكم قد نثرنا بالسيوف جماجماً ... نظمنا بها فوق الثرى للعدى شعرا
وما جزعي للحرب يحمي وطيسها ... ولكن لأرواح بها قتلت صبرا
لك الله يا قتلى طرابلس التي ... بها حكم التليان أسيافهم غدرا
أداموا بها قتل النفوس نكاية ... إلى أن أصاروا كل بيت بها قبرا
ولما أحاط المسلمون بجيشهم ... فعاد الفضاء الرحب في عينه شبرا
تقهقر يبغي في الديار تحصناً ... فقربها من خشية الموت واستذرى
وقد ظل ينكي أهلها من تغيظ ... فيقتلهم صبراً ويرهقهم عسرا
فأوسعهم بالسيف ضرباً رقابهم ... وآنافهم جدعاً وأجوافهم بقرا
وماضرَّ (قاناوا) اللعين لو أنه ... تقحم في الهيجاء عسكرنا المجرا
أيحجم عنا هارباً بعلوجه ... ويبغي بقتل الأبرياء له فخرا
وهل حسبوا قتل النساء شجاعة ... وقد تركوا عند الرجال لهم ثأرا
لقد شجعوا والموت ليس له يد ... ولم يشجعوا والموت يطعنهم شزرا
يعز على أسيافنا اليوم أنها ... تقارع قوماً هم بقرع العصا أحرى
ولم تك لولا الحرب تعلو سيوفنا ... رؤوساً نرى ملء القحوف بها عهرا
ومن مبكيات الدهر أو مضحكاته ... لدى الناس حر لم يكن خصمه حرا
لئن أيها القتلى أريقت دماؤكم ... فما ذهبت عند العدى بعدكم هدرا
سنثأر حتى تسأم الحرب ثأرنا ... ونقتل عن كل امريء أنفساً عشرا