يعتقد الأوروبيون ومن نحا نحوهم ممن تشبع بعلومهم وتأدب بآدابهم أن الشفقة على الحيوانات والعطف عليها من خصائص المدنية الحديثة ومأثرة من مآثرها مع أنها من بعض مزايا الدين الإسلامي ومن جملة ما جاء به من السنن والآداب. إن الدين الإسلامي كما جاء رحمة عامة لسائر البشر جاء نعمة شاملة لسائر الحيوانات فأمر بالرفق بهم والإحسان إليهم ونهى عن تعذيبهم وإيذائهم روى البخاري في باب فضل سقي الماء عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بينا رجل يمشي فاشتد عليه العطش فنزل بئراً فشرب منها ثم خرج فإذا هو بكلب يلهث يأكل الثرى من العطش فقال لقد بلغ هذا مثل الذي بلغ بي فملأ خفه ثم أمسكه بفيه ثم رقي فسقى الكلب فشكر الله فغفر له قالوا يا رسول الله وأن لنا في البهائم أجراً قال في كل كبد رطبة أجر وفي البخاري عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الكسوف فقال دنت مني النار حتى قلت أي رب وأنا معهم فإذا امرأة حسبت أنه قال تخدشها هرة قال ما شأن هذه قالوا حبستها حتى ماتت جوعاً وروى أيضاً عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عذبت امرأة في هرة حبستها حتى ماتت جوعاً فدخلت فيها النار قال فقال والله أعلم لا أنت أطعمتيها ولا سقيتها حين حبستيها ولا أنت أرسلتيها فأكلت من خشاش الأرض وسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحمر فقال ما أنزل علي فيها شيء إلا هذه الآية الجامعة الفاذة (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره) هذا طرف من حديث أخرجه البخاري في باب شرب الناس والدواب من الأنهار ونقل العيني في شرحه على البخاري روى سراقة بن مالك بن جعشم قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الضالة من الإبل تغشى حياضي قد لطتها لأبلي فهل لي من أجران سقيتها فقال نعم في كل ذات كبد حرى أجر أخرجه ابن ماجة ومن حديث أخرجه البخاري في باب عيادة الصبيان قال سعد للنبي ما هذا يا رسول الله قال هذه رحمة وضعها الله في قلوب من شاء من عباده ولا يرحم الله من عباده إلا الرحماء ففي هذه الأحاديث دلالة على إظهار الشفقة على الحيوانات وإن كانت مؤذية ولا ينافي ذلك جواز قتلها لأنه إن سقاها يكون عاملاً بالشفقة والرحمة وداخلاً في عموم قوله صلى الله عليه وسلم الراحمون يرحمهم الرحمن.