في سنة ست وثمانين دعي الأمير (عبد القادر) مع من دعي من ملوك أوربا ليحضر احتفال فتح ترعة السويس وبينما كان عائداً لسوريا عن طريق الإسكندرية اغتنمت الجمعية الماسونية فرصة وجوده في ذلك القطر فأوقت إليه هيئة من أعضائها لتعرض عليه المبادئ الماسونية وعندما ذكر الوفد المشار إليه فضائل الماسون وخدمتها في الإنسانية شكرها الأمير على عملها الذي ادعته شن كل رجل يدعي له شخص أنه يخدم الإنسانية ويسعى في سبيل خير البشر فيستحسن أعماله ويشكر مقاصده.
اتخذ بعض المنتمين للجمعية ذلك الاجتماع ذريعة حسنة لنسبة دخول الأمير في جمعيتهم وبدأوا يترجمون سيرته ويشكرون عظيم خدماته في الإنسانية بيد أن هذا الاجتماع وتلك الدعوى لا تثبت ولا تحقق دخول الأمير في الجمعية الماسونية لأن هذه الحجة ضعيفة تحتاج إلى أدلة مؤدية.
ومن المعلوم أن لجمعية الماسون نظاما كما لسائر باقي الجمعيات تطبق أعمالها بموجبه ومن جملة مواد نظام جمعية الماسون أنه لابد لكل شخص يريد الدخول على هذه الجمعية أن يطلب الانخراط بموجب استدعاء يلتمس منها قبوله فإذا تم له ذلك واستحسنت الجمعية إدخاله تكلفه بوضع إمضائه في سجل أعمالها وعليه أن يكتب أنه دخل بإرادته واختياره هذا مايدعيه أيضاً بعض أفراد الجمعية الذين ينسبون دخول الأمير في هذه الجمعية بمجرد القول وحيث أن وجود مثل هذه المواثيق المادية هي أعظم دليل وأقوى برهان بيد كل من يريدان يثبت حجته فإنني أطالب كل من يدعي من أفراد هذه الجمعية النظام الأمير بها بإبراز هذه الوثائق الراهنة مطبوعة نسخها على الحجر وما من أحد يجهل خط الأمير وإمضائه هذا ما نطالب به من يفترون على الأمير والجمعية معاً الكذب والبهتان. وأما نحن فإننا نقول أن الأمير (عبد القادر الذي اشتهر بالتقى وبصلابة الدين سيما وأنه كان يقيم الحدود الشرعية في هذه البلاد السورية كما أقامها في وطنه لا يخالف الآيات القرآنية والأحاديث النبوية ويدخل في جمعية سرية لا يعلم حقيقتها إلا من انخرط بين جماعتها وإننا بصرف النظر عن كون مبادئ هذه الجمعية حسنة أم سيئة فالشرع لا يسمح للمسلم أن يدخل بها قبل معرفته حقائقها وقد قال الله تعالى (يا ايها الذين منوا ألا تتخذوا بطانة من دونكم) الآية وقوله جل شنه (لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله